عندما رأيت مطاعم كودو في أكثر من دولة خليجية شعرت بنشوة فرح كبيرة لأن رأيت شركات بلادي انطلقت نحو العالمية بعد نجاحات محلية لتعبر القارات بإذن الله كما هو وضع الشركات في الدول المتقدمة، وقد يقول قائل هذا مطعم وليس مصنع وأقول وليكن فماكدونادلد وبيرغر كينغ مطاعم وباسكن روبنز يبيع الآيسكريم وهي سلاسل شركات عالمية تمثل الاقتصاد والثقافة الأمريكية وتدر مليارات الدولارات سنوياً على الاقتصاد الأمريكي.
سمعنا جميعاً عن المارد الصيني الذي نجح في تكوين نجاحات داخلية غزا بها أسواق العالم وها هو اليوم يعمل بكل جد واجتهاد وفي سباق مع الزمن لاقتناص الفرص العالمية في ظل العولمة الاقتصادية باستثمار الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية للدول المستهدفة لتعزيز قدراته الاقتصادية حتى أطلق البعض عليه اليوم الاستعمار الصيني الناعم رغم أنني لا أرى أي نوايا استعمارية لهذا البلد الذي ليس له تاريخ استعماري، وللأمانة فإن القارة السوداء سعيدة أيما سعادة من توجه استثمارات الصين لها حيث ساهمت في تطوير بنيتها التحتية وعززت قدراتها الاقتصادية على أساس المنافع المتبادلة وليس أدل على ذلك ما عبر عنه الرئيس السنغالي عبد الله واد خلال تفقده لمشروعات إعادة بناء الطرق وإمدادات المياه ونظم الصرف الصحي التي تقوم بها مجموعة خنان الصينية للتعاون الدولي المحدودة في مدينة توبا السنغالية بتكلفة 200 مليون دولار أمريكي قبل زيارة الرئيس الصيني للسنغال عام 2009م (سأقول للرئيس الصيني عن زيارته للبلاد إن جودة أعمال البناء التي تقوم بها الشركات الصينية ممتازة، وإنني راض تماماً عن أدائها).
سابك شركة فعلت كما فعل الصينيون حيث استطاعت ومن أجل ضمان قوتها التنافسية في الأسواق العالمية وبعد نجاحها إنتاجياً في البيئة المحلية أن تتحول لشركة سعودية عابرة للقارات في صناعة البتروكيماويات من خلال الاستحواذ على شركات خارج البلاد تشكل أجزاء مهمة في دورة إنتاج وتسويق البتروكيماويات ومشتقاتها ولاشك أنها تمثل نجاحاً كبيراً للاقتصاد السعودي والقائمين عليه وتعبر عن قدرتنا على تكوين شركات عابرة للقارات، ولكن سابك شركة تمتلكها الحكومة بنسبة 70% ما يعني أنها ليست شركة خاصة خالصة كما هو وضع مطاعم كودو ما يجعلنا نبحث عن تجربة خاصة خالصة 100%.
شركة الراجحي الدولية أعلنت في أكثر من تصريح لرئيسها التنفيذي الدكتور محمد بن سليمان الراجحي أنها تعمل على نقل مجموعة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الاستثمارية إلى العالمية باغتنام الفرص التي تطرحها معطيات العولمة الحالية والمرتقبة باستثمارات ذات بعد إستراتيجي وأنها في إطار خططها الرامية للتوسع في الأسواق العالمية استجابة للاتجاهات الاقتصادية العالمية الجديدة ستكون شركة عالمية رائدة في استقطاب الفرص الاستثمارية وتطويرها بما يحقق لها الانتشار المتوازن والنمو المستدام والقيمة المضافة للاقتصاد السعودي، وهو فكر لا يختلف تماما عما طرحته الشركات الصينية وطبقته لتصبح عالمية وبالتالي فإن شركة الراجحي الدولية التي تعتبر شركة خاصة خالصة 100% وهي شركة نمت بعيداً عن المناقصات الحكومية B2B ومن خلال تحركها في مشاريع زراعية وصناعية خارجية أصبحت نواة قوية لشركات سعودية خاصة خالصة عابرة للقارات وبكل تأكيد هناك شركات أخرى لا تحضرني ستشكل في مجملها مصدراً كبيراً للإيرادات المالية المعززة لاقتصادنا الوطني في ظل الانفتاح العالمي الذي جعل بطريقة أو بأخرى موارد العالم وأسواقها متاحة للجميع ومن يمتلك القوة بأي صورة من صورها هو الأقدر على اقتناصها، وكل ما أرجوه من وزارة التجارة بالتعاون مع مجلس الغرف تعزيز ودعم هذا التوجه بشكل مخطط لتصبح شركاتنا الوطنية داعمة لمواقفنا الاقتصادية والسياسية أيضاً بإذن الله.
* * *
alakil@hotmail.com