تصيبك الدهشة حينما ترى أعداد الآليات التي تجوب شوارعنا صباح مساء متوجهة في كل مرة إلى موقع جديد على خريطة مدينة للبدء بأعمال جديدة في أحد الشوارع سواء لإيصال الماء أو الكهرباء أو الهاتف أو لربط حي جديد بشبكة المجاري أكرمكم الله أو لإعادة تعبيد طريق أو لشق طريق أو لأعمال صيانة وما شابه.
تلك الأعمال التي لا شك تقوم بتشويه منظر الشوارع والأحياء والبيئة المحيطة من خلال ما تخلفه من أتربة وأدوات أو من خلال إجبار حركة السير باتجاهات معينة داخل الحي المجاور لمنطقة الأعمال ما يجعل الساكنين وأسرهم وأطفالهم وممتلكاتهم في خطر.
وما أن ينتهي مقاول من مشروع له حتى يأتي مقاول آخر يقوم أحياناً بشق الطريق في ذات المنطقة التي سبقه إليها المقاول الذي قبله، وفي عدة مناسبات لا يختلف عمل مقاول عن آخر من حيث منطقة العمليات، والاختلاف الوحيد بينهما أن الأول كان يقوم بتزويد خدمة تختلف عن تلك التي يقوم بعملها أو إيصالها المقاول الثاني ما يؤكد غياب عنصري التنسيق والتخطيط.
لا شك أن الدولة تسعى بشكل مستمر لتطوير الخدمات وتزويد الأحياء الجديدة والبعيدة بسبل الحياة وأدواتها فضلاً عن تطوير الأحياء القديمة وتصرف بذلك الغالي والنفيس وتتكبد مصاريف ونفقات طائلة لذلك، لكن الملاحظ على أغلب تلك المشاريع فقدانها لعامل التخطيط المقنن الذي يلتزم بتطبيق المعايير الهندسية القياسية للتخطيط العمراني الذي يستشرف المستقبل والتوسعات السكانية المتوقعة في قالب إشرافي حرفي.
يُعتبر عامل الزمن من أهم العوامل التي ينبغي الالتفات لها عند التخطيط للمشاريع العمرانية الجديدة، فهو يتيح معرفة ما سيكون عليه حال المدينة وما تحتاجه من خدمات بعد عقود من الزمن.
ولا أرى غضاضة في نقل تجارب دول العالم المتقدمة في هذا المجال أو الاستعانة بأساتذة الجامعات العالمية في مجال تخطيط المدن وهندستها، فنظرة سريعة لشوارع مدن بعض الدول الأخرى كفيل بإثبات بُعد نظرتهم وثقابتها من خلال تبنيهم لأساليب ورؤى اعتمدت بشكل كبير على أعلى معايير الجودة في أسس التصميم المستقبلي.
إلى لقاء قادم إن كتب الله.