Al Jazirah NewsPaper Monday  09/11/2009 G Issue 13556
الأثنين 21 ذو القعدة 1430   العدد  13556

من القلب
جماهير الأهلي: لقد اشتعلت الرؤوس شيباً !!
صالح رضا

 

الصدفة ولا غير الصدفة.. التي جمعتني في الأيام الماضية بعدد من الأهلاويين.. وجلهم مشجعون هائمون في النادي العتيد.. لا يبتعدون كثيراً من أسواره ومداخله.. ولكن وجدتهم قد تحطّمت أدواتهم.. وتقطّعت أوتارهم.. وضعفت قواهم.. ولم يعودوا هم أولئك المنشدين الأقوياء.. فتاريخهم الوضاء.. لم يشفع لحاضرهم البائس.. وواقعهم المؤلم والمحبط.. لم يتح لهم التفاؤل في المستقبل.. فقد أصبحت النظرات زائغة وقد غشاها الألم والإحباط والتحبيط .. قلت ممازحاً: أرى الشيب قد غزا رؤوسكم ووجوهكم الطيبة.. وكأنكم محمومون أو خارجون من مرض عضال لا قدّر الله...

** قال أحدهم: نعم.. إنه الأهلي أصبح مع كل مباراة يصيبنا بالمرض والحمى.. حتى أصبحت مبارياتنا مع أصغر الفرق مرضاً وحمى حقيقية.. كأنها حمى المتنبي.. ثم أنشد رائعة المتنبي مع بعض التصريف الطريف قائلاً:

وزائري كأن به حياء

فليس يزور إلاّ في الهزائم

بذلت له المطارف والحشايا

فعافها وبات يكسر عظامي

يضيق الصدر عن نفسي وعنه

فيوسعه بأنواع السقام

أراقب وقته من غير شوق

مراقبة المشوق المستهام

ويصدق وعده والصدق خسائر

إذا ألقاك في الكرب العظام

يا ابن الأندية عندي كل ناد

فكيف وصلت أنت من الزحام

** وقد سبق والتقيت بنوعية أخرى من جماهير الأهلي.. متجسّدة في شخص يمثل شريحة لأهلاويين ليسوا بقليل.. بل تكاثروا مؤخراً.. فقد شاهدته في معرض للنجف والتحف الكهربائية والثريات الفاخرة.. وهو يختار من النجف والثريات.. عرفت الرجل منذ النظرة الأولى.. وكنت أراه في الماضي البعيد والأيام الخوالي في مباريات الأهلي يتابع المباريات من المنصة.. وإذا ما بدأت تشدو فرقة الرعب أناشيدها وتسجل وتنتصر.. تأخذه النشوة ويتحوّل إلى المدرجات مع الرابطة يشدو ويصدح وينشد بطرب وسلطنة.. وبصوت جميل صداح وجهوري اكتسبه من البحر والوجد والتبريح.. فهو ابن أحد شيوخ المهن بجدة.. وهم من أعرق العائلات الجداوية.. لمحني وأنا أنظر إليه فتقدم مبتسماً وتقدمت وتعانقنا فقد مضى أكثر من خمس عشرة سنة لم نلتق..

** بادرته قائلاً: أرى ما شاء الله حمرة الصحة تنضح من جبينك الوضاء وكأنك في مأمن من الهم الأهلاوي المزمن ؟!!

قال بعد أن صدح بضحكة ملأت المعرض الكبير بصداها: أهلي أيه اللي أنته جاي تقول عليه ؟!!.. واسترسل: كم كنا مجانين (نجري) وراء الأهلي أينما حل وارتحل.. ولعلمك يا أستاذ منذ ذلك الحين لم أتابع لا الأهلي ولا غير الأهلي.. فقد كنت مساعداً وقتها لوالدي في عمله.. ومتفرغاً لملاحقة الأهلي.. ثم ضحك ضحكة مدوية وتنهّد قائلاً: آه كم كنا مجانين.. ثم أكمل كلامه قائلاً: اتجهت لبناء الفلل الفاخرة وبيعها وما زلت أفعل ذلك.. فهل ترغب أن أعرض عليك بعض الفلل التي قد توافق ذوقك إحداها ؟!!

قلت: والأهلي ؟!!.. قال: صدقني يا أستاذنا إنني نادم بمتابعتي للأهلي وأعتبر تلك المرحلة بأنها فترة (جنان) أو سمّها طيش شباب وراحت إلى غير رجعة.. فأنا الآن لي أكثر من خمسة عشر عاماً وأنا لا أهتم لا بأخبار الأهلي ولا بأخبار الأندية الأخرى ولا بأي أخبار عن (الكورة) ودوشتها !!

** قلت إلى هذه الدرجة أصبحت تكره الأهلي؟!! قال: لا.. ليس كرهاً ولكنه عدم اهتمام بالكرة وأخبارها وشؤونها وشجونها.. ولكنها كانت أيام قضيناها.. وأحتفظ في ذاكرتي بتلك الأيام الجميلة وأتذكرها أحياناً...

ثم أردف قائلاً: شخصياً اكتفيت بذلك وطلقت الكرة بالثلاثة وارتحت وشف صحتي والحمد لله.. (لحقت) على عمري في الوقت المناسب.. وكسبت من المال الملايين وأشبعت رغبتي وهوايتي في البناء والتعمير والبيع بمكسب يرضي الله ثم يرضيني ويرضي المشتري.. فلا ضرر ولا ضرار !!

قلت: هذا هو الهروب بعينه.. أنت تخادع نفسك..

قال لي: لا بل قل لقد فزت بها وسقط الآخرون !! ثم أوصى صاحب المعرض عليّ وقال لمسؤول المعرض بلهجته الجداوية المؤدبة: انتبه لا تزعّل الأستاذ في أي شيء خاصة في الأسعار !! قلت: إنني أريد بعض قطع الغيار البسيطة لزوم الصيانة فقط لا غير....

** احترت هل أصدق الرجل بأنه هجر الأهلي وكرة القدم والرياضة.. خاصة وهو من شريحة موجودة.. تدعي سلامتها وبراءتها من الأهلي وهم قد يكونون أكثر الأهلاويين عشقاً وصبابة.. أم أصدق ما كنت أراه منه من هيام ووجد وعشق للأهلي ؟!!

** أذكر في إحدى مباريات الأهلي مع النصر.. وكانا يمثلان قمة الكرة السعودية آنذاك.. وقد سجل اللاعب أمين دابو هدفاً خرافياً والمباراة تلفظ أنفساها.. وإذا بالحكم يحتسب للنصر ضربة جزاء غير صحيحة في الوقت بدل الضائع.. تصدّى لتسديدها اللاعب ناصر الجوهر.. وردّها حارس الأهلي عادل رواس - رحمه الله -.. وانتهت المباراة وسقط اللاعب ماجد عبد الله خلف المرمى في حالة يرثى لها بينما النصراويون تركوه ودخلوا غرف تبديل الملابس دون أن يأبه به أحد.. أعود لذلك الذي كان مشجعاً ويقول إنه (طلق الكورة والأهلي).. فبعد أن صد عادل رواس ضربة الجزاء الظالمة وانتهت المباراة أخذ يجهش بالبكاء.. وهو بكاء الفرح وبكاء الانتصار على النفس والظلم التحكيمي الذي كان يلقاه ويتلقاه الأهلي دوماً في مبارياته مع النصر آنذاك.

فهل الرجل صادق فيما ذهب إليه من نكران علاقته حالياً بالأهلي وبكرة القدم.. أم أنه عاشق متيم يخفي صبابته ؟!! والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه..

هذا ومن الصعب التكهّن بالقادم.. ولكن أرى في الأفق البعيد شمعة تضيء.. وهي شمعة أكاديمية خالد الخالد في القلوب.. فقد تضيء ولو بعد حين.

مباراة العصر.. سبب توترها.... حكم !!

التحكيم في كرة القدم هو (أبو المشاكل).. ففي مباراة تصفيات مونديال 90 في إيطاليا صعدت مصر على حساب الجزائر في مباراة لا تنسى عام 89.. بهدف سجله حسام حسن واعتبر الجزائريون الهدف غير صحيح (ومعهم حق) مما أفقدهم التحكم في أعصابهم.. كما تعرّضوا لاستفزاز الجمهور المصري بعد المباراة وحتى وصل الأمر أن اشتبك لاعبو منتخب الجزائر مع العاملين في فندق شيراتون مصر الجديدة وهو مقر إقامة معسكر المنتخب الجزائري.. واتهم فيها الجزائري الأخضر بلومي بفقء عين موظف في الفندق وبالتالي مطالبة السلطات المصرية القضائية بمحاكمته.. ومنه انطلقت شرارة الحساسية - غير الرياضية - بين الجمهورين العربيين..

الآن هناك جهود حثيثة تبذل من أطراف عدّة في البلدين لتهدئة الأمور وجعل الأمر لا يتعدى مباراة في كرة القدم.. تؤدى ضمن إطارها القانوني والأخلاقي دون أن تتشعب إلى أمور لا تحمد عقباها.. نأمل من الله أن تمر المباراة بسلام على المنتخبين العربيين.. فالعالم العربي ليس بناقص مزيداً من التوترات والاختلافات والمماحكات خاصة وهو الخصم والحكم وعدو نفسه الأول والأخير.. بالتوفيق للمنتخبين العربيين الشقيقين.

نبضات !!

* ماذا يحدث في الوسط الرياضي ؟!!.. وما هذا الإسفاف الذي ما بعده ولا قبله إسفاف ؟!!.. منتديات وغرف محادثات يمارس فيها خواء وخوار.. من أناس لم يَعُد أحد يعرف بالتحديد ماذا يريدون من الوسط الرياضي أن يكون .. فإذا أراد المرء طي فشله وعجزه وبلادته.. فما عليه إلا البذاءة يتبعها الإنصات لعل هناك من يوافقه.. ورغم ذلك يجد أن الجميع قد تخطوا ذلك الأسلوب الفج.. وإلى أين نحن سائرون ؟!!.. سؤال يحتاج لإجابة بحزم وحسم !!

* تمخّض الجمل فولد فأراً.. هذا هو حال الاتحاد في النهائي الآسيوي أمام الكوري بوهانغ ستيلرز.. وهو ما كنا نخشى على الاتحاد منه.. فبعد تضخيم الاتحاد خلال التصفيات أتت مباراة بوهانج لتنهي الحلم.. فمشكلة الاتحاد خسارته للنهائيات متى ما حضر الحكم الحازم.. فخسارة النهائي الآسيوي وخسارة كأس خادم الحرمين الشريفين أمام فريق الشباب الموسم المنصرم.. وخسارة نهائي كأس الاتحاد قبل موسمين أمام الأهلي.. وكل النهائيات هذه كان العامل المشترك بينها حكم حازم وقوي الشخصية.. فيخسر الاتحاد هذه النهائيات.. ويكون الدرس قاسياً !!

* من الغريب ومن المؤلم.. أن ترى لاعبين يمثلون المنتخب الوطني.. وعندما يخسر المنتخب الوطني تكون ردة فعلهم عادية وكأنّ شيئاً لم يكن.. بينما عندما تخسر فرقهم تنهمر دموعهم.. في حالة فريدة لا توجد إلاّ في ملاعبنا.. علماً أن هؤلاء اللاعبين أنفسهم لا يقدمون مع المنتخب نصف المجهود الذي يبذلونه مع أنديتهم !!..

* يحاولون تغريم الخسارة للرئيس المتعلم والخلوق.. وذلك تلميعاً للرئيس وعضو الشرف المبعد.. وستتوالى الخسائر.. ثم يأتي هو المنقذ يمتطي صهوة جواده.. والجمهور يهتف باسمه.. قصص تصلح لأفلام الكرتون فقط !!

مسك الختام: قال تعالى:{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}... اللهم ثبِّتنا على دينك وألهمنا الاقتداء بأنبيائك ورسلك ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد