Al Jazirah NewsPaper Monday  09/11/2009 G Issue 13556
الأثنين 21 ذو القعدة 1430   العدد  13556
الرئة الثالثة
منظمة العفو الدولية.. وازدواجية القيم!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

 

يتجدد بين الحين والآخر (موّال) النقد والانتقاد لهذه البلاد من قبل (منظمة العفو الدولية) بحجة أن هناك إجراءات وتطبيقات أمنية معينة تطبقها بلادنا مستمدة من شريعتنا المطهرة تتعارض مع (نواميس حقوق الإنسان) التي تنتصب هذه المنظمة نصيراً لها وظهيراً، وكأن لها ولاية مطلقة على (حقوق الإنسان) في أي زمان ومكان، ثم تعمد إلى تصنيف و(توصيف) هذه الحقوق وأصحابها وفق (منظور) لا يعترف إلا بنفسه وبما يراه حقاً أو باطلاً!

**

* وبين الحين والآخر أيضاً، ترسل (منظمة العفو الدولية) (صفارات) تنبيه موجهة إلى هذه البلاد، لأنها تطبق حدود الله فيمن يلوث ذمته بدم بريء من الناس قتلاً أو اغتصاباً أو نهباً ونحو ذلك، ويشهد على ذلك ما تزعم المنظمة أن إيقاع الحد الشرعي على من تثبت إدانته أمر ينافي حقوق الإنسان!

**

* وبعيداً عن نزعة (التوظيف) التقليدي ل(نظرية المؤامرة) التي يلجأ إليها أحياناً لتبرير ما قد لا يبرر، غير أن هناك حقيقة لا يمكن استبعادها من سياق هذا الحديث، وهي أن هناك جهات (مؤدلجة) سياسياً في أكثر من مكان (تستفيد) من حملة كهذه على المملكة، لتصفي بها حسابات أخرى لا علاقة لها بحقوق الإنسان، بل توظفها (نصرة) لقضايا أخرى، تتخذ المملكة حيالها موقف المنازع، كحق الإنسان الفلسطيني في أرضه، ونحو ذلك.

* وتعليقاً على هذه الحملة غير المقدسة من لدن منظمة العفو الدولية، أقول:

أولاً:

- كيف تعتب علينا المنظمة وقد حققنا ظفراً عالمياً في التعامل مع الجريمة بشقيها، المدني والإرهابي، تعاملاً حصيفاً وإنسانياً وحاسماً، أمن النفوس، وصان الأعراض، وحفظ الحقوق؟!

ماذا تريدنا المنظمة أن نفعل غير ذلك كي (نُحرز رضاها)؟!

أتريدنا أن نحتجز الفرد المدان في سجن مترف من فئة (الخمس نجوم) ثم نكرمه بدرع التقدير في نهاية المدة، بعد أن نسمعه مواعظ بليغة عن الفضيلة وحقوق الإنسان؟!

**

ثانياً:

- أي حقوق تتحدث عنها المنظمة، إذا كان هذا المجرم أو ذاك لم يرع حق من قتله أو سرقه أو نهبه أو اغتصبه أو هرب سماً يفتنه في صحته وخلقه؟ أليس من حق المظلوم أن ينصف ممن ظلمه وأن يعاد له اعتباره؟!

- أليست هذه حقوقاً إنسانية أولى بنا أن نحفظها ونحافظ عليها، وندرأ عنها سوء من به سوء؟!

**

ثالثاً:

- من هو الإنسان الذي تشقي المنظمة نفسها والعالمين معها من أجله؟ أهو المواطن السوي المستقيم الذي يرعى الحق.. ويدرأ الباطل، أم المجرم الأشر الذي لا يطبق حقاً ولا يدرأ باطلاً؟!

**

رابعاً:

- نحن في هذه البلاد بدورنا (عاتبون) على منظمة العفو الدولية، لأنها تخصنا ب(عتابها) المتكرر.. و(تغض الطرف) عن الممارسات الوحشية التي يرتكبها الصهاينة في أرض فلسطين ضد كل ما هو عربي أو مسلم، إنساناً ورمزاً، وفي الوقت نفسه، (تُجامل) الإنسان الغربي حين يقتل واحداً من أبناء جلدته أو يسرق أو يغتصب أو يختطف، ثم يجد من (يعتذر) عنه بالوكالة، ليفبرك الحجج (ويقولب) الوقائع.. ملتمساً البراءة لموكله.. وقد يحيل الظالم مظلوماً، والطالب مطلوباً.. فإذا أعيته الحيلة، ادعى أن المتهم كان به (مسّ) حين ارتكب الجريمة، لتدخل القضية مساراً معقداً.. داخل المحكمة وخارجها. وقد يضطر القاضي في الختام لدواعي (لوجستية) إلى (صرف النظر) عن القضية (لعدم توفر الأدلة)، وهكذا.. تضيع (حقوق الإنسان) البريء، ويقال للمتهمين، اذهبوا، فأنتم الطلقاء!

**

خامساً:

- إذا كانت المنظمة تتحفظ على عقوبة الإعدام وما في حكمها لأسباب وحيثيات من صنعها هي.. فهذا شأنها، لكن ليس من حقها أن (تملي) قناعتها على أتباع دين سماوي لا يشاطرونها قناعاتها. أمريكا، التي تؤوي المنظمة، لم تجد بداً ذات يوم من العودة عن قرارها بإلغاء عقوبة الإعدام.. لتسنها من جديد بقرار من محكمتها العليا علّ ذلك يردع مدَّ الإجرام المتنامي في كثير من ولاياتها!

**

سادساً:

- وأخيراً، إن هذه البلاد ليست مطالبة بالاعتذار من أي أحد كان لالتزامها بشرع الله، ولا بالدفاع عن نفسها في تطبيقه، فهو أمر إلهيُّ فرضه الله لردع الظالم ونصرة المظلوم، وتثبيت الأمن والسلام بين الناس، وبدونه، لن يكون هناك أمن ولا سلام!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد