ليس الحوثيون سوى آخر العملاء في قائمة الإيرانيين الذين يقاتلون عن جمهورية الملالي بالوكالة. فليس عبدالملك الحوثي اليمني سوى حسن نصر الله اللبناني، وما يحدث في شمال اليمن، وجنوب بلادنا يصب في مصلحة إيران، وأطماعها في المنطقة. ومثلما يبيع نصر الله استقرار لبنان، وأمنه، ومستقبله لإيران، بذريعة الحرب على أعداء الأمة، يبيع الحوثيون بلدهم، ودماء طائفتهم، ويلقون بهم في التهلكة، لخدمة المصلحة الإيرانية العليا، رافعين نفس الشعارات.
ما يجري في اليمن، وما جرى في جنوب بلادنا، وما يجري في لبنان، هي نسخ مكررة للطموح الإيراني، واستغلال البعد الطائفي لخدمة الأجندة الفارسية القادمة في تراكماتها من التاريخ، الذي لا يمكن أن تُقرأ الحالة دون أخذه في الاعتبار.
تسلل الإيرانيون على حين غفلة إلى لبنان، وبنوا ميليشيا حزب الله، ليصبح هذا الحزب في النتيجة الأداة الإيرانية الأقوى في لبنان، وبالتالي في المنطقة. حزب الله يؤدي دوراً إيرانياً بامتياز، ونجح من خلاله الإيرانيون في الدخول كعامل مؤثر إلى توازنات المنطقة، ليصبح أي اتفاق إقليمي لا توافق عليه طهران من شأنه أن يجد من العوائق ما يحيله إلى قضية تجاذبات، وبالتالي، لا يمكن تمريره ما لم تُأخذ المصلحة الإيرانية في الاعتبار.
الحوثيون يقومون بالدور ذاته. وهم -كأداة- مازالوا في طور الإنشاء. التساهل معهم، وعدم أخذ حركتهم بالجدية المطلوبة، معنى ذلك أن ذراعاً إيرانياً على غرار حزب الله سيتشكل في اليمن، وعلى حدودنا الجنوبية. وإذا كان الإيرانيون قد نجحوا في تمرير إنشاء حزب الله اللبناني، كحزب عميل لإيران في لبنان، فلا أعتقد أن بالإمكان إعادة ذات السيناريو في اليمن.
إنشاء حزب الله اللبناني تم في ظروف تختلف عن الظروف التي نمر فيها، ولم يتوقع أحد آنذاك أن هذا الحزب سيصبح إلى هذه الدرجة من العمالة والتبعية لإيران بهذا الشكل المفضوح.
الآن، وفي ظل التجربة خلال العقود الثلاثة الماضية اتضح أن التساهل واللين مع هذه الأحزاب العميلة، سينتهي إلى سكين في الخاصرة، تضطرنا دائماً إلى أن نأخذ مطالباته، وبالتالي أجندة إيران الإقليمية بعين الاعتبار.
الحزب الحوثي يسير على ذات المنوال، ويتخذ نفس الأسلوب، وإن تغيرت بعض التفاصيل الشكلية التي سار فيها حزب الله اللبناني من قبل. لهذا كله، و مهما كان الثمن، ومهما كانت التبعات، والتضحيات، يجب أن نحمّل المتسللين، ومن وراءهم، رسالة حازمة وقاطعة ومباشرة، تقول وتؤكد أن مشروع إنشاء حزب الله آخر في خاصرتنا سنقف أمامه بكل ما أوتينا من قوة، فالقضية قضية أمن، ومستقبل، بل وبقاء.
بقي أن أقول إن موقف بقية حلفاء إيران، وعلى رأس هؤلاء الحلفاء (حماس)، تجاه هذه القضية، مازال يشوبه حسب متابعتي بعض الغموض. ويبدو أن الحماسيين، وكذلك الحركة الأم الإخوان المسلمين، في موقف حرج جعلهم يلوذون بالصمت. الصمت هنا موقف لا يمكن أن نقبله إطلاقاً.. إصرارهم على الصمت، وعدم إدانة التدخل الإيراني من خلال الحوثيين في اليمن، وبالتالي في المملكة، يؤكد ما كنا نقوله ونردده، ومؤداه أن أجندة الحركات الإسلامية، وعلى رأسها حماس ترفع الإسلام كشعار، بينما تجعل (العقيدة) ثانية، وربما في قاع الأولويات، وبالذات عندما يُحتم عليها الموقف العقدي ما يخل بتحالفاتها السياسية، سكوت حماس يضع للمرة الألف النقاط على الحروف. إلى اللقاء.