نشرت الجزيرة في عدد أمس السبت 19-11- 1430 عن مطالبة ولي أمر طالبة بالتحقيق مع معلمة أجرت عقوبة على طالبة تعلك اللبان في الفصل، وجعلتها خمسة ريالات، تضاعفت حتى بلغت ثمانمائة ريال لعلكة قيمتها نصف ريال.. كما يقول الخبر، وكان الخبر يركز على العلكة ذات النصف ريال ومقابله المضعف عشرات المرات، وبين صلاحية المعلمة في إجراء عقوبة رأت هي أنها الأنسب وإن لم تجد نفعا، والدليل هو استمرار مضاعفة الغرامة على الطالبة، وهو المقابل لاستمرار علك الطالبة في الفصل, وتحديدا في حصة تلك المعلمة..
غير أن السؤال هو كم عدد الحصص التي قابلت فيها المعلمة هذا السلوك حتى يصل المبلغ لهذا الرقم؟..
ربما أن هذه المعلمة الواحدة في هذا العدد من الحصص لم تستطع احتواء سلوك طالبتها ومن ثم تعديله.. هذا من جهة، فما دور ولي الأمر الذي حرضته الغرامة على سلوك ابنته للشكوى، وطلب التحقيق مع المعلمة، بينما لم يضع يده معها لتشذيب سلوك ابنته، وجعل الحلول بينه وبين المعلمة خفية عنها، لربما عرف وعلم أن المعلمة قد فقدت سيطرتها, فذهبت لمثل هذه العقوبة للتنبيه الأسري ولاستدعاء حفيظة الولي من الوالدين والأهل لاستنكار سلوك الفتاة, وليس ليذودوا عنها والدفاع عن الغرامة أهي من صلاحيات المعلمة أو لا..؟ مما يخرج بالموقف عن مساره الأساس.. ويتمسك بقشوره..
ترى متى يتنبه التربويون لضرورة أن يمنح المعلمون والمعلمات حرية التعامل مع المواقف..؟ فإن لم تُجْدِ معهم وسائل تعديل السلوك بالأساليب التربوية نتيجة، فلا أقل من إجراءات توقظ حركة التفكير والضابط الذاتي لدى الطلاب والطالبات, وكذلك لدى أوليائهم تتدرج من التكليف بالقراءات الخارجية، والتعاون في مسؤوليات شؤون الطالبات في المدرسة, أو سوى ذلك حسب تقدير المعلمة..
فكثير من السلوك الذي يحتاج إلى ضبط وتعديل منشؤه البيت، ومسؤول عنه الآباء والأمهات، وناجم عن الأسرة والبيئة الخاصة، وهذه حقائق توصل إليها الواقع قبل أن تثبتها الدراسات، ونص عليها الحديث الذي لا ينطق عن هوى (فأبواه من يهودانه أو ينصرانه)..
فالفطرة في الإنسان منشؤها أبيض، والذين يشكلونها هم المنشِّئون, لذلك فإن ما أجرته المعلمة لا بد أن يخضع لنيتها, ولا بد أن يكون نذير تغيير في إجراءات علاقة المعلمين والمعلمات بالمواقف مباشرة، فمن يؤتمن على التعليم والتدريس لا بد أن تسلم له قواربه ومجاديفه.