جميل أن تتحوَّل بعض التجارب الشخصية في حياة العلماء والمفكرين وأصحاب الأدوار الكبيرة في المجتمعات إلى كتب مقروءة، أو دورات تدريبية، أو لقاءات صحفية أو تلفازية وإذاعية تستفيد منها الأجيال الصاعدة، وتصبح مرجعاً لكل من يريد أن يطوِّر ذاته، ويرقى بأساليب عمله، وأدائه الوظيفي.
|
إنَّ معظم كتب تطوير الذات، وإتقان المهارات المختلفة عند الإنسان، وغير ذلك من تطوير جوانب الحياة، إنما هي خلاصة تجارب أشخاص، وسرد مواقف مرت بهم في الحياة، وهذا فنٌّ أتقنه الغربيون في عصرنا هذا، وأصبحت كتبهم في هذا المجال مترجمة إلى لغات متعددة لأن الناس شغوفون بقصص الحياة وتجاربها ومواقفها.
|
وقد سعدت كثيراً حينما رأيت كتاباً صغيراً أنيقاً في إحدى المكتبات عنوانه (اللِّياقات الست) وكان مصدر سعادتي قراءتي لاسم مؤلِّفه الأخ الكريم، الصديق د. أحمد البراء الأميري، ابن أستاذي الغالي الشاعر الكبير (عمر بهاء الدين الأميري) -رحمه الله- شاعر الإنسانية المؤمنة وصاحب الديوان الشعري الشهير (مع الله) هذا الديوان الذي يحلِّق في آفاقٍ رحبةٍ من الإيمان واليقين وروح المؤمن المتفائل الواثق بما شرع الله لعباده من الخير.
|
نعم لقد اشتريت الكتاب مباشرةً لما رأيت اسم الدكتور أحمد البراء الأميري على غلافه، لأن مثل هذا العنوان (اللياقات الست) في الكتب المترجمة كثير، وعندي منها عدد غير قليل، كلما قرأت كتاباً منها في عوامل تطوير الذات البشرية، والرُّقي بعطائها، وتشجيع طاقاتها وقدراتها قلت في نفسي: هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا.
|
قرأت كتاب (اللِّياقات الست) للأميري في رحلةٍ جوية كانت مدة الطيران فيها حوالي الساعة ونصف الساعة، فوجدت لياقات نفسية وروحية وعقلية واجتماعية وبدنية ومالية مهمة مؤثرة، استطاع أخونا (أبوعمر الأميري) أن يقدِّمها لنا بأسلوب مشرق، وعبارة أنيقة، ولغة جميلة سهلة لا تستعصي على طلاب العلم، مع ما فيها من سلامة الأسلوب وصحة العبارة.
|
كتابٌ أصيل لكاتب عربي مسلم، له تجارب متعددة في الحياة لأنه أستاذ جامعي بجدارة، ومطِّلع على ثقافات متعددة من خلال درايته باللغة الإنجليزية وترجمته منها وإليها، ومن خلال علاقاته الواسعة ورحلاته ومشاركاته الثقافية المختلفة.
|
إن الكتاب (دروس في فنِّ الحياة) هذا الفنّ الذي تحتاج إليه الأجيال الناشئة مؤصلاً مبنياً على عقيدة سليمة، ورؤية صحيحة للحياة بعيداً عن التجارب البشرية التي تنبثق من أفكار مخالفة، وثقافات مناقضة، وعقائد فاسدة بعيدة عن الحق والصواب.
|
في كتاب اللياقات الست شمولية منبثقة من شمولية الرؤية الإسلامية للحياة روحياً -وهذا هو الأهم- ونفسياً وعقلياً واجتماعياً وبدنياً ومالياً، وهذه لياقات مهمة تُبنى عندنا نحن المسلمين على اللياقة الروحية التي تنمو بالإسلام، وتستمد من القرآن والسنة مادتها المشرقة، وتعتمد عليها في التعامل الأمثل مع الحياة، وفيه طرح إيجابي عملي يطرح الفكرة وطريقة تطبيقها. شكراً لأبي عمر على هذه الهدية الجميلة للمكتبة الأصيلة منهجاً وأسلوباً.
|
|
ومن لاذ باللهِ لاقى المآسي |
صبوراً وعاش الحياةَ نَبيلا |
|