نحن فعلا في حيرة من أمرنا، فنحن من جهة نعلم يقينا استحالة تحقيق تنمية وطنية شاملة بدون تعليم نوعي عالي الجودة، ونعلم يقينا أيضا أن المعلمين هم رأس حربة التعليم وهم حجر زاويته، لكننا في الوقت نفسه نعرف من جهة أخرى أن نسبة مقلقة ممن يقبلون في كلياتنا التربوية لا يرغبونها ولا يميلون إليها، بل هم يلومون حظهم العاثر ومعدلهم التراكمي الذي حرمهم من الكليات التي يتمنونها. هل يمكننا القول ان هذا هو قدر مهنة التعليم الذي يجب أن ترضى به أم أن هناك ما يمكن للكليات التربوية عمله لتجذب وتصطفي أفضل خريجي الثانوية. في ظني أن ليل هذه المشكلة سيطول طالما بقيت ثقافتنا لا تضع المعلم على رأس قائمة أفضل المهنيين، انظروا كيف ساءت أحوال أمم قريبة اكتفت بإعطاء بريق اجتماعي للطبيب والمهندس والمحامي وتجاهلت المعلم، ثم انظروا كيف تطورت أحوال أمم بعيدة نال المعلم فيها أعلى درجات الشرف والتقدير الاجتماعي. ان وجود مقاعد شاغرة بالكليات التربوية لا يعني بالضرورة شغلها وقبول طلاب غير مؤهلين، وإذا قبلنا في كلياتنا التربوية طلاب أقل كفاءة فلتكن برامج إعدادهم وتدريبهم ومساءلتهم قادرة على انتشالهم وتطوير أدائهم، هذا التحدي يبدو أكثر شراسة أمام الكليات التربوية فقط لكونها تقبل وتعد طلابا لم يختاروا كليتهم ومهنتهم بمحض إرادتهم وبرغبتهم المسبقة.