Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/11/2009 G Issue 13554
السبت 19 ذو القعدة 1430   العدد  13554
المتداولون في السوق.. مَن يسمعهم؟!
عبدالرحمن محمد السهلي

 

من في صباح العشرين من شهر يوليو الماضي اتصل مواطن أمريكي بهيئة مراقبة تداول الأوراق المالية (SEC) يشتكي من تحقيقه لخسائر كبيرة نتيجة لشرائه أسهماً في شركة هارمن انترناشونال بناء على معلومات غير صحيحة نشرت على بعض مواقع الإنترنت تفيد بأن هذه الشركة هدف لعملية استحواذ أجنبية.

وبعد (72) ساعة فقط من تلقي هذا الاتصال الذي عزز بعض الشكوك التي التقطتها الأنظمة الآلية لمراقبة التداول تم تجميد كل أصول وحسابات المستثمر الكويتي حازم البريكان وشركة الوساطة التي يديرها بعد أن وجه إليه المدعي العام الأمريكي مجموعة من التهم أبرزها التلاعب والاحتيال عبر نشر معلومات مضللة.

إن هذه القضية تكتشف بجلاء مدى نجاح النظام (system) في كشف الخلل والتفاعل السريع معه، حيث يبرز هذا النجاح من جانبين أحدهما نظام التداول الذي استطاع أن يرصد ويلتقط حركة (غير طبيعية) على سهم هارمان انترناشونال الذي ارتفع خلال يوم واحد بنسبة 30% قبل أن يفقد مكاسبه ما استوجب إجراء المزيد من عمليات التدقيق والتحليل الشامل لهذا السهم وصفقاته وما يرتبط به من معلومات لكي يستطيع تحديد اتجاه هذه الحركة غير الطبيعية على السهم من حيث قانونيته أو تجاوزها.

أما الجانب الآخر للنجاح فيمكن في وجود قناة اتصال تزود النظام بتغذية مرتدة من المتداولين وتجعلهم شركاء فعالين في عملية الرقابة.

إن عملية التفاعل بين التقاط الحركة غير الطبيعية على السهم وورود شكوى حوله أدى إلى قيام المحققين والمراقبين بالمزيد من عمليات الفحص التي نتج عنها الوصول إلى أدلة مادية تثبت وجود عملية احتيال وتلاعب فكما هو معروف تعد عملية جمع الأدلة وبناء لائحة الاتهام في قضايا أسواق المال صعبة جداً نتيجة صعوبة الحصول على الأدلة والقرائن المادية التي تبنى عليها القضية.

وفي المملكة تبذل هيئة السوق المالية جهوداً كبيرة ومتواصلة لاجتثاث المخالفات ومعاقبة المخالفين حيث ورثت (الهيئة) سوقاً زاخرةً بكثير من المخالفات نظراً لوجود (فراغ تنظيمي وتشريعي) لم يمكن المنظم السابق له من تحقيق مهامه المتمثلة في توفير العدالة والالتزام بالأنظمة والقوانين بكفاءة.

لقد تمكنت الهيئة خلال وقت قياسي من إصدار التشريعات القانونية التي تؤطر العلاقة بين أطراف السوق (المنظم - المتداولين - الوسطاء - الشركات المدرجة)، ومع ذلك تظل عملية ضبط المخالفات ومعاقبة المخالفين عملية قانونية معقدة في أسواق المال الناشئة، وإلقاء اللوم على الهيئة لعدم ضبط جميع المخالفات التي تقع يعد أمراً غير منصف، فالسوق المالية تعد مثل السفينة وقبطانها الهيئة وجميع من على ظهرها (متداولين - شركات مدرجة - وسطاء تداول) هم مسؤولون ومعنيون بسلامة السفينة كل فيما يخصه.

وكما ساعدت شكوى مواطن أمريكي عبر اتصال هاتفي كشف قضية البريكان فإن كثيراً من المتداولين يرغبون في إيصال شكواهم لهيئة السوق المالية وتعليق الجرس على المخالفين لعلهم يساعدون في كشف المخالفين ومحاصرة المتلاعبين.

إن توفير الهيئة لقناة اتصال مباشر كرقم هاتف مجاني يعلن عنه ويكون مخصصاً لتلقي الشكاوى سوف يساعد الهيئة في أداء مهامها الرقابية ويجعل الأطراف الأخرى في السوق شريكاً فعالاً ومشاركاً في محاصرة الأفعال والتجاوزات غير القانونية، وإني على يقين أن كثيراً من المتداولين يرغبون في التعاون مع الهيئة والإبلاغ عن المخالفات التي يرونها والتجاوزات التي يلاحظونها لكن لسان حالهم يقول: اسمعونا يا هيئة السوق المالية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد