القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي:
توقعت دراسة اقتصادية حديثة أن تواجه الاستثمارات النفطية في العالم العربي قصوراً في التمويل نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية؛ حيث تواجه الاستثمارات في قطاع الطاقة العربي للفترة ما بين عامي 2009 - 2013 تدنياً ملحوظاً في إمكانات نموها. وتتوقع الدراسة التي جاءت بعنوان (أثر الأزمة المالية العالمية على استثمارات الطاقة في الدول العربية) نتيجة لذلك أن تبلغ احتياجات الطلب الفعلي على رؤوس الأموال نحو 450 بليون دولار، منخفضة بنسبة 19% عن توقعات العام الماضي. وقالت الدراسة التي أعدتها الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، التابعة لمنظمة أوابك، إن تراجع النمو العالمي وندرة وارتفاع كلفة الديون وتدني أسعار النفط قد ترتب عليها إلغاء أو تأجيل كم هائل من مشروعات الصناعات اللاحقة في سلسلة الطلب على النفط والغاز المزمع إقامتها خلال الفترة التالية لعام 2013م. وطالبت الدراسة الحكومات العربية بأن تقوم بتعويض الانكماش الذي تشهده تدفقات رؤوس الأموال الخارجي عن طريق إعادة تدوير صافي أصولها الداخلية التي تم استثمارها خارج الحدود من خلال صناديقها السيادية. وأضافت أنه لكي توفر الحكومات السيولة وتساعد في إعادة رسملة المؤسسات المالية في كافة الدول العربية فإن عليها أن ترعى وتدعم المؤسسات التي تسهم في تنمية وتطوير صناعة النفط التي تظل القوة المحركة للاقتصاد، وأيضاً المؤسسات المالية التي تركز على القطاعات التي يتصل نشاطها بخلق فرص العمل.
كما أكدت الدراسة على مراجعة الدول العربية لاستراتجياتها الاستثمارية من خلال استثناء مشروعات البنية الأساسية في قطاع الطاقة التي تتمتع بجدوى اقتصادية عالية من خيارات التأجيل. وحول نمط توزيع الأموال التي تتصل باحتياطات المنطقة العربية فإن نسبة 69% من هذه الاستثمارات تقع في دول مجلس التعاون الخليجي، ويقع ما يزيد على نصفها بقليل في المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، وتواجه دول مجلس التعاون الخليجي نقصا في إمدادات الغاز، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، وبالتالي فإن توافر القيم ذات المواصفات العالية والسعر المنخفض سيضيف عبئا آخر إلى حالة عدم اليقين التي تواجه مستقبل الاستثمارات في قطاع الطاقة.
أما على مستوى قطاع النفط فإن سلسلة الطلب على النفط وتشمل حلقة التكرير (البتروكيماويات المتكاملة)، التي تعتمد على النفط، تحتل أكبر حصة بنسبة 48% من إجمالي احتياجات رأس المال المتوقع البالغ 450 بليون دولار. أما بالنسبة لسلسلة الطلب على الغاز وتشمل حلقة البتروكيماويات والأسمدة الكيماوية التي تعتمد على الغاز، فإنها تستحوذ على نسبة 35%، وأما نسبة الـ17% المتبقية من الاحتياجات الرأسمالية فإنها تخص قطاع توليد الطاقة الكهربائية الذي يعتمد على وقود النفط أو الغاز. وفي ظل ظروف أزمة الإقراض غير المسبوقة نتيجة الأزمة العالمية أوضحت الدراسة أن الوقوف على احتياجات التمويل المطلوب يظل أكثر تعقيدا؛ حيث إن قطاعات الصناعة كثيرا ما تفضل تجنب أرصدة من أرباحها تكفي لتمويل أنشطتها المتصلة بالصناعات الأولية والوسطى، في حين صار الاعتماد في تمويل مشروعات الصناعات اللاحقة يقوم في أكثره على القروض. ولفتت الدراسة إلى أنه من الصعوبة بمكان تدبير هذه المبالغ المطلوب استثمارها في قطاع الطاقة إذا ما استمرت أزمة أسواق الإقراض في أوضاعها الحالية، ليس فقط لأن تكلفة الإقراض قد ارتفعت لمعدلات عالية بسبب إعادة التسعيرة المالية في الأسواق المعتمدة في مواجهة المخاطر، بل لأن متطلبات الإقراض قد وضعت بدورها في أطر غاية في التشدد.