Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/11/2009 G Issue 13554
السبت 19 ذو القعدة 1430   العدد  13554
أضواء
مغادرة زورق السلام قبل أن يغرق
جاسر الجاسر

 

التسويف والمماطلة والدعم الأمريكي السافر لعدوان إسرائيل واحتلالها للأراضي العربية دفع واحداً من أكبر الزعماء الفلسطينيين دعماً للسلام إلى الانسحاب من (زورق السلام) وترك هذا الزورق تتقاذفه الأمواج وتحت رحمة رياح الأطماع الصهيونية والأهواء الأمريكية الخاضعة للإملاءات الإسرائيلية التي يفرضها اللوبي الإسرائيلي على أعضاء المؤسستين التشريعية (الكونجرس) والتنفيذية (الإدارة الأمريكية)، حيث تبين للرئيس محمود عباس أن الإدارة الأمريكية بما فيها الرئيس باراك أوباما قد سقطت في فخ الإملاءات الإسرائيلية، فحتى أوباما الذي كان صلباً وحاسماً في عزمه على تنفيذ اقتراحه بإقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل وأنه في سبيل هذا الأمر لا بد من وقف تام للاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية. أحنى رأسه للعواصف الصهيونية التي هبت في وجهه، فآراء الرئيس أوباما ومواقفه التي رددها في القاهرة وفي محطات سياسية أخرى بدأ في التراجع عنها، وتحول إلى أداة ضغط إسرائيلية ضد الفلسطينيين، وأجبر الرئيس محمود عباس على الاجتماع برئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو الذي يعد أكبر مخرب لعملية السلام، وواصل تنفيذ برامج الاستيطان رغم رفض الأمريكيين لها، ثم تراجع أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون والأمريكيون بتجاهل إصرار الإسرائيليين على مواصلة الاستيطان ويصرون على استئناف المفاوضات، بل ويضغطون على الرئيس محمود عباس للعودة إلى طاولة المفاوضات وهو مكبل اليدين، والأدهى من ذلك تزايد ضغوط الأمريكيين لفرض الإملاءات الإسرائيلية التي لا تريد تحقيق تسوية سلمية عادلة، بل تسوية سياسية تفرض على الفلسطينيين حلاً لا يخرج عن إنشاء كيان فلسطيني هزيل تابع للدولة الإسرائيلية، وهو ما أوصل الرئيس محمود عباس إلى مأزق سياسي حقيقي، وبإعلان أبومازن عدم رغبته بترشيح نفسه مرة ثانية لانتخابات الرئاسة الفلسطينية يكون قد عالج هذا المأزق الشخصي وسيحفظ تاريخه السياسي، فيما تضخم المأزق السياسي العربي والأمريكي لأن جميع العرب الذين ساندوا مسيرة السلام يقفون الآن في حيرة بعد أن هدد رجل المرحلة الفلسطينية الراهنة بترك زورق السلام ومغادرته تاركاً المقعد الفلسطيني المعتدل شاغراً.

كما أن ترجل أبومازن وعزوفه عن هذه المهمة سيضع الإدارة الأمريكية وأوباما بالذات في مأزق إن لم تكن هذه الإدارة قد تواطأت مع نتنياهو لإزاحة أبومازن وفق سيناريوهات معدة لهذا الغرض.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد