Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/11/2009 G Issue 13554
السبت 19 ذو القعدة 1430   العدد  13554
العلاقة بين التحرك الإيراني وحركة الإرهاب في المنطقة
بقلم: د. وحيد بن حمزة عبد الله هاشم

 

الأحداث الخطيرة والمؤسفة التي نشهدها في المنطقة منذ سنوات طوال، لا يمكن أن تكون هكذا نتاج لحركة التاريخ وحركة الزمن، ولا أيضا لحركة الأحداث وتطوراتها بشكل عشوائي أو اعتباطي. فهناك من دول غيرت من منظوماتها السياسية من وراثية إلى جمهورية، وأخرى مضت على دروب نماذج سياسية خارجية، وأخيرا دول أخرى رقصت على أنغام وترانيم الشرق والغرب في آن واحد وعلى حد سواء.

وإذا ما سلمنا جدلا بأن الأحداث في المنطقة لا بل في العالم كله، خصوصا السلبية منها، نتاج مباشر لحركة السياسة الدولية أو الإقليمية خصوصا تلكم التي تبرع في حياكة المخططات السياسية والمؤامرات العقدية لتحقيق أهدافها ومصالحها القومية، أو تلك الدولة التي تستشعر الخطر وعدم الأمن والاستقرار لوجود مشكلة في الشرعية السياسية للحكم، أو لشعورها بمشاعر الأقلية العرقية أو الدينية أو المذهبية... فمن الطبيعي إذن أن تشهد المنطقة ما تشهده من تطورات وتحديات ومستجدات خطيرة تدق نواقيس الخطر العسكري وتطلق صفارات الإنذار الأمنية في جميع الدول دون استثناء.

وتتعاظم حدة المخاطر أكثر عندما يوجد بعض من الدول الجشعة التي تركز على تحقيق أهدافها ومصالحها القومية بأي ثمن كان ومهما كلفها الأمر من تضحيات أو إمكانيات حتى وإن تطلب الأمر التضحية بمصالح وأرواح الآخرين ممن يقعون في خانة الجهالة أو التبعية.

في المملكة استشهد رجل أمن باسل وأصيب 11 آخرون في هجوم شنه إرهابيون تسللوا من اليمن. وفي المملكة، مرة أخرى، أجهضت أجهزة الأمن في المملكة بنجاح منقطع النظير خلية أخرى من خلايا فئة الضلال والإرهاب وما يوجههما من فكر التكفير، هذه الجماعة التي أخفت كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات في باطن أرض إحدى الاستراحات وبنت عليها خرسانة أسمنتية في محاولة يائسة لتحقيق أهدافها ومصالحها المشبوهة.

خبث الخلية التي تنتمي إلى الفكر الضال يتجلى في اختيارهم للتخفي والتمويه سواء في الموقع الذي أخفيت فيه الأسلحة، أو في الطريقة التي أخفيت فيها الأسلحة والمتفجرات، وأخيرا أدوات التضليل الأسمنتية التي اعتقدوا أنها ستخفي الأسلحة عن أعين أجهزة الأمن.

الذي يمكن استشفافه أن العملية الأمنية التي أطاحت بمجموعة الأربع والأربعين الإرهابية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأظهرت ما كان الإرهابيون يحاولون إخفاءه للقيام بعمليات إرهابية، لاسيما أن أحد عناصر شبكة الـ 44 لمنظري التنظيم من الذين ضبطتهم أجهزة الأمن في الصيف الماضي كان مسؤولا عن عمل خيري مؤسساتي ألقي القبض عليه بعد ثبوت تورطه في جمع الأموال لصالح تنظيمات الإرهاب.

أضف إلى ذلك فإن العلاقة بين خلايا تنظيم الإرهاب في مختلف أنحاء المنطقة وبين كل من زعامة الإرهاب في أفغانستان من جهة، ومن الجهة الأخرى مع من يمولهم ويدعمهم من بعض الدول الإقليمية، بدأت تتضح معالمها أكثر بعد ارتفاع حدة المعارك العسكرية في اليمن الشقيق بين قوات الحكومة اليمنية وبين عناصر الحوثيين الذين تدعمهم إيران بكل ما يمكنها من دعم حرصا منها على تقسيم اليمن ونشر مبادئها وقيمها في المنطقة العربية برمتها.

لذا ليس من المستبعد إذن، ولا حتى بمستغرب أن يكون هناك من ضلع، لا بل ضلوع، لإيران في معظم الأحداث والتطورات السلبية التي تعصف بالمنطقة منذ أحداث 11 سبتمبر الإرهابية لعام 2001م والتي أطرت بشكل أعمق بعد أن شعرت إيران بالخطر أكثر وأكثر بعيد الاحتلال الأمريكي لكل من أفغانستان ومن ثم العراق.

كرد فعل للإحساس الإيراني بالخطر بدأت اللعب والمخططات السياسية الإيرانية تتوالى في المنطقة مركزة على ضرورة تحقيق تحالف إستراتيجي وثيق مع جميع أعداء الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة بداية من العراق، ومن ثم الجنوب اللبناني، مرورا بحركة حماس، وإلى أفغانستان، وأخيرا اليمن. إستراتيجية إيران الكبرى بعيدة المدى ممثلة في محاولة فرض هيمنتها الإقليمية واضحة، والهدف الإيراني قصير المدى يركز على تعميم حالة الخطر والخوف والفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة أوضح. فإيران تريد إشغال الولايات المتحدة الأمريكية وإلهاءها وتوريطها في صراعات وقلاقل ومحن وتحديات لا تسمح لها بأن توجه لها أي ضربات عسكرية. وإيران تريد كسب الوقت بالمماطلة والتحدي لإنهاء برامجها النووية السلمية ولربما العسكرية. وأخيرا إيران تريد أن يكون لها اليد العليا والمكانة الأولى في المنطقة.

لذا ليس من ضروب الزلل أو الخطأ إن قلنا إن التحالف الإيراني مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية اليمينية لا يقل أهمية عن تحالفها مع الجماعات الثورية واليسارية، ففي العرف الإيراني السياسي الغاية تبرر الوسائل، وتحالفها مع الشيطان ممكن ومقبول طالما حقق لها أهدافها ومصالحها القومية.

www.almantiq.org



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد