الأهلاويون كانوا وما يزالون الأكثر حكمة.. ولكن نخشى أن تتحول تلك الحكمة إلى فطنة يشوبها الحذر.. ليس لها ما يبررها.. سوى تبريرات واجتهادات ما أنزل الله بها من سلطان.. فالأهلي له تركيبته الخاصة.. و هي تركيبة نموذجية وأسرية منذ تولي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل زمام الأمور في النادي الأهلي.. وبقي هذا النمط الأسري كما هو.. فدائما تجد للأهلي (كبيرا) يكون بمثابة الأب الحقيقي والروحي للنادي.. حتى أصبح يقوم بهذا الدور حاليا.. - بعشق ونكران للذات وزهد في الظهور والمظاهر - صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز.. وبهذه التركيبة سطر الأهلي سابقا بطولات عانقت عنان السماء.
* الآن تغيرت الظروف المحيطة بالأهلي وبالكرة السعودية برمتها.. بل وبكل جوانب الحياة.. وتطور الكل وتقدم.. عدا الأهلي فهو يسير في - مكانك راوح -.. جاء سمو الأمير محمد العبدالله حتى أحبط وغادر فجأة دون أن يحقق الدوري للأهلي.. فالجماهير تريد إلى جانب الكؤوس الملكية العشر.. تنشد بطولة الدوري الذي حققها الأهلي مرتين في الزمن الأهلاوي الجميل.. ولكن أبو تركي يئس من تحقيقها بعد ان كان قاب قوسين أو أكثر من تحقيق الحلم الاهلاوي.. وغادر الوسط الرياضي برمته وهذه أغبط سموه عليها.
* وبعودة سمو الأمير خالد بن عبدالله.. رجعت الآمال الكبار.. ظنا من الجماهير أن عودة البطولات الكبرى قد حانت.. كما كانت في التسعينيات عندما كان أبو فيصل رئيسا للأهلي.. وأعضاء الشرف متفاعلون من حوله يتآزرون ويعملون ويثمر عملهم جميعا عن بطولات تتبعها بطولات.. حتى جعلت من الأهلي موقع غبطة الآخرين ولا أقول حسدهم..
* هذه التركيبة الأهلاوية وما تحمله من عشق.. لا تحتاج إلى مزيد من الأجنحة لتحلق عاليا فحسب.. بل تحتاج إلى أرضية صالحة للهبوط.. ومن ثم الإصلاح والنهوض.. رحمة بهذه الجماهير التي أصابتها الحيرة وأصابها الإحباط.. ونزلت بها الأمراض تفتك بما تبقى منهم.
* رغم ان الجماهير تتمسك بالأمل عاما وراء عام.. تغشاهم النشوة قبل كل دوري.. ثم يقدم الإحباط المخيف كشتاء سيبيريا يتسلل إلى نفوسهم الطيبة.. فعندما تنقضي النشوة وتتحول إلى سراب فإنها تتحول إلى ألم في أغوار النفوس الأهلاوية.. خاصة وهذه الجماهير تنظر إلى فرق فاقتها الآن بالإنجازات والبطولات.. رغم أن تعادلها مع الأهلي كان عيدا لها.
* مسيرو النادي الأهلي - سابقاً وحالياً - من أرقى المجتمعات وأعلاها شأنا.. لذا كانت أخطاؤهم ككسوف الشمس وخسوف القمر.. يراها الجميع.. وفي حالة البدء في إصلاحها ينظر إليهم الجميع برهبة وخشية مشوبتين بالإعجاب والتوجس.
* ولكن الآن كل شيء تغير في الأندية وحول الأندية.. وأصبح توافر الحوافز المالية ليس كل شيء للاعبين.. فاللاعبون في جميع أنحاء المعمورة يحتاجون لتوفير عمق اجتماعي لهم مرتبط بالأندية التي يمثلونها.. وهذه موجودة في البرشا والريال الإسبانيين وخير مثال في ذلك هو ميسي ونشأته وعلاجه وتمثيله للبرشة.. فاللاعبون بشر يحتاجون للجو الأسري في النادي الذي يدافعون عن ألوانه.. وتشدهم القدوة من كبار المنتمين للنادي.. حيث يشدهم تعدد أعضاء الأسرة وقوة قدوتها وبالتالي قوة ترابطها.. أكثر ما يربطهم المال والضجر..
* اللاعب أي لاعب يهيم وجدا متى ما أحس أن هناك له أكثر من أخ أكبر يلجأ إليه.. وقد يسامره مرة في الشهر في مطعم فاخر.. وآخر يأخذه في رحلة بحرية وقت إجازته.. وهكذا يشعر اللاعبون بالأسرة الكبيرة ترعاهم.
* نعم اللاعبون في الأهلي هم في أمس الحاجة لمن يتواصل معهم خارج نطاق الرسميين بالنادي من الأهلاويين على مختلف شرائحهم.. ويجب ألا يكون الأهلاويون حساسين لهذه الناحية المهمة التي يفتقدونها بكل وضوح.. وأنا مدرك أن نقدي هذا سيأخذ موقعه في النفوس التي ملأتها المروءة.. وجمعت حولها عشاق الأهلي.
* هناك مقولة للرمز الأهلاوي الأوحد الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - فحواها أن الأهلي ملك لجماهيره.. وهذا ما جعل ابنه البار الأمير خالد بن عبدالله يطبق هذه المقولة.. حتى إنه صاحب فكرة إنشاء مجالس الجماهير في جميع أنحاء المملكة.. ولكن ليس هذا بكاف.. لاعبو الأهلي يحتاجون إلى التفاف أعضاء شرفه وتبادلهم للزيارات.. وتقديم العادات السعودية للاعبين الأجانب وللطاقم الفني.. مثل هذا التواصل هو ما يجعل اللاعبين يشعرون بالأمان الاجتماعي.. ويرفع روحهم المعنوية إلى عنان السماء.
* اللاعب الأجنبي في الأهلي.. في بدء تمثيله للفريق.. يلعب بروح وقتالية وتفان وكأنه ابن من أبناء النادي.. وبعد فترة يتدهور مستواه ويقل حماسه مع هبوط شديد لروحه المعنوية.. بسبب العزلة والوحدة التي يعيش فيها.. وبعدها يؤدي المباريات كواجب وظيفي لا أقل ولا أكثر.
* هذا وسبق أن اقترح أحدهم بأن يزور كبار الكتاب والصحفيون لاعبي الأهلي في معسكراتهم.. ليشعر اللاعبون أن هناك صحافة معهم.. وأنهم ليسوا وحدهم.. وهناك من سيقف ويكافح معهم في سبيل دفع الأهلي إلى الأفضل.. فرحب الأمير فهد بن خالد بالفكرة ترحيبا كبيرا.. ولكنها تبخرت كما يتبخر كل من يحاول الاقتراب من اللاعبين والشد من أزرهم والوقوف معهم.
* ناديا الهلال والاتحاد أقرب الأندية لتطبيق هذا التواصل الفعال دون حساسية زائدة.. وخير دليل أن هذين الناديين لا تخلوا تمارينهم من حضور إيجابي من أعضاء الشرف.. وهناك تواصل اجتماعي مع اللاعبين.. جماعات وأفرادا.. محليين وأجانب.. وحتى المدرب في الهلال والاتحاد له من يحتفي به من خارج أسوار النادي.. لذا نرى عطاء لاعبيهم يصل إلى ذرا المجد والبطولات رغم أن لاعبي الأهلي ليسوا بأقل منهم مستوى.. إلا أن التواصل الاجتماعي والإنساني هما أحد أسباب رفع الروح المعنوية للاعبين خارج الملعب قبل أن تكون داخل الملعب وهو مفقود في الأهلي مفقود بدرجة كبيرة جدا.. فالعزلة التي يعيش فيها اللاعبون قاتلة...
* إن لاعبي الأهلي مغلوبون على أمرهم.. فهم يشعرون بالوحدة والعزلة عن المجتمع الكبير.. ليس هذا الآن فقط ولكن منذ ما يزيد عن خمسين عاما.. فتركيبة الأهلي هكذا.. وكانت مثمرة في الماضي.. إنما على هذا النحو سوف يكون احتراف اللاعبين وأدائهم لعملهم وظيفيا ونمطيا في التمارين والمباريات وحسب.. فلا تستطيع أن تطلب منهم أكثر من ذلك.. إذا لم يكن حولهم مجموعة من المحبين العاشقين تراعيهم وتدافع عنهم.. وتعاضدهم.. وتقويهم حتى لا يصابوا بحالة (النوراستينيا) التي تصيب اللاعبين المحبطين.. كما أنه من المهم وجود شخص مسئول وكفء من المدربين في علم البرمجة اللغوية العصبية يكون شبه متفرغ للعمل مع اللاعبين.
* إن ذلك التقوقع الذي عاش و يعيش فيه الأهلاويون ككل.. كان ولا يزال سببا في هضم حقوق النادي.. حتى العقوبات التي تلحق بالأهلي في الماضي والحاضر.. تكون بالنيات أو بالأشكال.. مثلما حصل لمساعد مدرب الفريق حين تم إيقافه.. حيث قال عبدالله الناصر إنه تلفظ بألفاظ نابية على مدرب الهلال.. وعندما علموا أن لا أحد يمكنه معرفة كلام المدرب أو يسمعه قال الناصر: (من شكله عاقبناه..) انظروا إلى الاستهتار الذي وصل بالمسئولين بالأهلي.. الناصر الذي يستخف بالأهلي.. في نفس الوقت الذي ترتجف فرائصه من تصريح واحد للبلطان.. فيوقف الحكام ومساعديهم.. وعندما يكون الأهلي المتضرر.. فإنه يستنخي حكما من مصر مطرود من الفيفا ومشبوه ليدافع مع من يدافعون عن كارثة سعد الكثيري في المباراة الشهيرة.. فما دام الأهلي هو الضحية..فإنهم يتكأكأون عليه كتكأكئهم على ذي جنة...
* على الأهلاويين الجنوح إلى التغيير التام في نهجهم المتحفظ.. ومزامنة الزمن.. فمن المستحيل الحصول على شيء دون تغيير الإستراتيجية الأهلاوية التي يسير عليها منذ أكثر من خمسين سنة.. وأن يؤمنوا بأن التعدد والانفتاح على كل محبي النادي أصبح مطلبا ملحا.. فاليد الواحدة لم تعد تصفق.. وعليهم التحرر من حرصهم وحذرهم تجاه توسيع علاقات اللاعبين بأعضاء الشرف والمهتمين من الأهلاويين.. كما عليهم الدعوة الجادة لكافة الشرفيين لحضور التمارين والتحدث مع اللاعبين.. وتناول العشاء معهم في التحضير للمباريات.. وافتحوا قلوبكم للجميع.. فالأهلي لجماهيره.. وبغير ذا سيبقى الأهلي يتجرع الانهزامية وهذا معيب في تاريخ الأهلي العتيد.
* ثم كيف تريد إدارة الأهلي من أعضاء الشرف دفع الملايين بينما يحرمون من التواصل الفاعل مع اللاعبين ؟!!
* ورغم ذلك فهناك مجموعة من أعضاء الشرف الشباب يحاولون أن يقدموا شيئاً للأهلي.. منهم الأمراء فهد بن خالد وتركي العبدالله وفيصل بن خالد وفيصل بن عبدالله بن تركي.. وهذا شيء رائع وإيجابي.. ويحتاجون إلى تعزيز ذلك التواجد.. وأخشى ما أخشاه أن يحبطوا في مسعاهم بمساعي عشاق الفتنة الذين يقتاتون على فتات موائدها.
* نكرر أن نهج الأهلي الذي سار عليه أكثر من خمسين عاما لم يعد يؤكل عيشا.. فقد انتهى ذلك الزمن واستجدت أمور كثيرة.. واللاعبون بشر لا يشعرون بالأمان وهم يعيشون في شبه منفى.. يقول لاعب أهلاوي أحتفظ باسمه.. أنه عندما كان معارا.. كان يشعر براحة نفسية افتقدها بالأهلي.. فقد كانوا له في تلك المدينة الصغيرة أهل وعزوة.. بينما عاش و يعيش الوحدة والعزلة القاتلة مع الأهلي في جدة.. حتى اللاعبين يشعرون بانتماء أقوى وأكبر مما هم عليه في الأهلي لتلك الأندية التي يعارون إليها.. ارحموا لاعبيكم.. وأعطوهم الثقة والحرية.. وسترونهم نجوما تحقق البطولات.. إذا أردتم البطولات.. ولكن يبقى من أسباب استمرار الإحباط والتحبيط أيضاً بعض جمهور الأهلي من (الشاتمين) وهؤلاء حكاية أخرى..
* هذا والأنظار تنحو وتتجه نحو رجل الأهلي الكبير.. ذلك الرجل الحكيم.. الأمير النبيل.. صاحب المروءة والفكر المتجدد.. الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز.. يحدوها الأمل أن يفرض سموه واقعاً.. ويسن منهجاً.. يدعو إلى الانفتاح والثقة في الجميع.. في نادي الجميع.. لجميع أعضاء الشرف والمهتمين والصحفيين للالتفاف حول لاعبي الأهلي.. وسترون النتائج.. والله الموفق وعليه الاعتماد جلت قدرته.
نبضات!!
* احتفالية الهلاليين باللقب الكبير.. جاءت باهتة ومتواضعة ولا تفرق عن حديث عام في أي برنامج (كلامي) آخر.. ومع احترامي لمنظم الحفل ومخرجه.. فقد بخس الهلال حقه ومكانته وإنجازاته.. وحتى لو قيّم الاحتفال بأن قامت به مدرسة ابتدائية لحصل على صفر مربع في إضبارة التقييم.. ومن كان خلف إخراج ذلك الاحتفال الباهت أضر بالهلال أكثر مما نفعه وينفعه.. وحارب الله التقصير لإخراج الحفل مملا وكئيبا وباهتا!!
* مبروك لناشئي الأهلي فوزهم بالكأس للمرة الثانية على التوالي رغم وجود عشرة لاعبين من ناشئي الأهلي مع المنتخب الوطني.. ولكن من أصر على إقامة المباراة وعدم تأجيلها.. كان يطمح لفوز الاتحاد.. ولكن قدرة الله ثم تفوق احتياط ناشئي الأهلي أحبط مسعاه.. حكمتك يا رب.. وشكرا لأبي فيصل هذا الجيل الراقي!!
* للإحاطة فقط.. سبق وأن أصبح الأهلي على بعد مباراتين من نهائي آسيا ولكن صدرت الأوامر بعدم سفره لبانكوك لخوض المباراة المؤهلة للنهائي بحجة ظروف أمنية.. وبعدها بأسبوعين سافر المنتخب إلى بانكوك.. وهذا يجعل الأهلاويين يشكرون اتحاد الكرة - آنذاك - لحرصه على سلامة الأهلاويين أكثر من المنتخب!!!
* يحمد للأهلاويين والهلاليين عدم التقليل من شأن الانجاز الاتحادي.. وذلك بخلاف لو كان الانجاز هلالياً أو أهلاوياً.. لأسبغوا عليه النعوت والتشكيك.. فداء إقصاء الآخر الذي يمارس تحديدا ضد المنجز الهلالي أو الأهلاوي متمكن في تلك النفوس التي جبلت على غمط حقوق الناديين الكبيرين.. نأمل أن يتغيروا بعد الآن.. ويعتبروا ما يحصل الآن من دعم الجميع للاتحاد هو مثياق شرف..يلتزمون به في حالة تمثيل الأهلي أو الهلال.. بحيث تصبح إنجازات الأندية خارجياً.. إنجازات وطن وليس لناد.. لكن هل هم فاعلون؟!!.. لا أظن ولا أتأمل!!
* نتمنى على الله فوز شقيقنا الاتحاد والرجوع بكأس آسيا، وهذا ليس صعبا على الاتحاد ولا على أي ناد سعودي كبير.. فأنديتنا هي سيدة آسيا وواسطة العقد فيها.. وإلى الآن يستحق منا الاتحاد أن نقول له: برافو أتي.. طريقك مجد وبطولات وكؤوس صنعها رجالك بفخر فرضك على الجميع.. وبشموخ استثنائي في سماء القوة والتفرد!!
* بعد تسريب التسجيلات الصوتية.. مثل تسجيل حديث السيد طلعت لامي أو عيسى المحياني أو يوسف الموينع - إذا صحت - فأحمد الله بأني في حياتي الرياضية لم أسمع تسجيلاً لأحد إلا في أندية معينة.. وفعلاً الأندية مقامات!!