ليس جديداً استغلال النظام الصفوي في إيران للدين الإسلامي وشعائره من أجل تحقيق مكاسب سياسية، أو استثمار ذلك من أجل تخفيف ضغوط سياسية سواء دولية خارجية أو داخلية محلية، فنظام طهران الذي يطبق التوجه الصفوي، عندما وجد أن المشاكل السياسية الداخلية التي تزداد عنفاً يوماً بعد آخر لتوسع النظام الحاكم في انتهاج الأساليب القمعية حتى لطرف آخر من أطراف النظام وإن صنف تحت مسمى الإصلاحيين، ولتنامي حالة التباعد مع الطرف الآخر المسمى ب(المحافظين) الذين يأخذون على أحمدي نجاد ابتعاده عن تعليمات معلمهم الخميني. هذه الحالة المرتبكة التي يعيشها النظام الصفوي والتي أبرزتها الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، جعلت حكام طهران -بما فيهم المرشد- يحاولون الخروج من حالة التأزم التي لا تهدد فقط بتقسيم أركان النظام الذي يتجه للعسكرة من خلال منح مزيدٍ الصلاحيات للحرس الثوري وتنظيماته سواء (المتطوعين) الباستيج أو عناصره المتغلغلين في دوائر الدولة أو في السفارات، بل وقد لاحظ متابعو الشأن الإيراني أن الحرس الثوري نفذ اعتقالات وعمليات قتل في عدد من معارضيهم من ما يسمون بالإصلاحيين.. كما لاحظ هؤلاء المتابعون أن كبار قادة الحرس الثوري أخذوا يوجهون مطالب أشبه ب(الأوامر) إلى ما يجب أن يكون عليه التعامل ممن لم يسلموا بنتيجة فوز أحمدي نجاد.
خارجياً وبسبب المراوغة الإيرانية في التعامل مع الملف النووي، قد وسعت عزلة إيران دولياً.. ولولا الفسحة التي تعطيها بعض الدول الغربية لمواصلة المفاوضات النووية، واستمرار دول الخليج العربية وتركيا بمواصلة العلاقات السياسية والاقتصادية، لأصبحت إيران معزولة سياسياً واقتصادياً. وهنالك تهديدات جدّية بعزل النظام الإيراني دولياً، إذا لم تستجب لآخر الاقتراحات الغربية الخاصة بتخصيب اليورانيوم، وهو ما يهدد إيران بعقوبات قاسية.
أمام هذين المأزقين وعلى الطريقة التقليدية (الهروب للأمام) فقد أعاد النظام الصفوي إسطوانتهم القديمة (إسطوانة إعلان البراءة) واستغلال مناسك الحجّ بتوجيه أنظار الإيرانيين إلى خارج إيران، بافتعال معارك إعلامية وصوتية وحتى سياسية مع المملكة العربية السعودية ومع كل المسلمين باستغلال الحجّ وتوظيف هذه الشعيرة المقدسة سياسياً لتحقيق أهدافٍ دنيوية.
والنظام الصفوي الذي يستند على ركائز (شركية) كثيرة لا يهمه سلامة الحجّاج وضيوف الوطن، فبعض مراجعهم خرج علينا باختيار (مشهد) كقبلة للمسلمين بدلاً من مكة المكرمة. مثل هذا النظام.. وهؤلاء المراجع المذهبيين وتاريخ الصفويين الأسود، يوضح بجلاء أنهم لا يهمهم الدين الإسلامي الصحيح، فهم يعملون من أجل إعادة التسلط الفارسي عبر إحياء المذهب الصفوي.
jaser@al-jazirah.com.sa