لم يعد دور رعاية الحجاج هذه الأيام يتمحور في متطلبات الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة بروحانياته، ومشاعره وشعائره، إنما بات موزعاً على التنظيم، والترتيب، وقراءة الواقع المعاش لهذه المناسبة السنوية العالمية التي يتطلع إليها جميع المسلمين في مختلف أرجاء العالم.
فالذي يظهر الآن أن ما ينشغل به القائمون على شؤون الحج هو تحول الآليات والتطلعات والتوجهات إلى ما يشبه حالة الفندقة والترفيه عن ضيوف المناسبة، وأولها الإشعار والترويج عن خفض تكاليف الحج من حيث الإقامة، وسبل النوم، وأنواع الغذاء، وسعة الخيام.
بل باتت قوائم الحج ذات نزعة محلية صرفة على نحو استحداث وسائل جذب يزعم البعض أنها مناسبة وتحقق التوفير على الشركات والمؤسسات التي ترعى شؤون الحجاج في الداخل دون الأخذ بالاعتبار أن الحج ركن عام للمسلمين وللعالم أجمع، فلا يجب أن نعمم (الكبسة والنواشف والفول والإيدامات)، حيث وردت هذه التشكيلة الغذائية في الكثير من تصريحات جهات خدمات الحج، كجزء من التأثير والاستدراج لأكبر عدد من الحجاج، ظاهرها أنهم يحاولون الحد من الافتراش في المشاعر المقدسة، وباطنها ما بات يشاع من الخوف من إنفلونزا المكسيك، وعزوف الناس عن الانخراط في الحملات والمخيمات لارتفاع الأسعار والمغالاة في تقديم الخدمات الفندقية.
بلغ الأمر أيضاً وجود مخيم شعبي، وآخر متوسط، وثالث لفئة كبار الشخصيات أو (V.I.P) وما إلى ذلك من وسائل ومغريات، يجدر ألا يكون لها أساس في هذه الفريضة التي تتطلب أن يقف فيها الجميع سواسية أمام الله في هذه المشاعر.
وحتى إن وضعت وزارة الحج جائزة لأفضل مخيم فهي تراعي الجوانب المادية التي تتطلب من الشركات والمؤسسات تقديم أفضل الوجبات (الناشفة أو الدسمة) للمشتركين في هذه المخيمات، حيث لا يخرج الحديث في المجالس عن التنويه بجمال هذا المخيم وخدماته الفندقية والترفيهية، والإشارة إلى طول الخيمة وعرضها، ونوع الفرش والغطاء ووسائل الصرف ومغريات الحياة وكأنك في رحلة أو نزهة، وكل ذلك يتفاعل ويطول ويقصر دون أن تعثر على أي سند روحي يجعل من هذه الفريضة عنصر مساواة أمام الخالق في هذا الركن المهم، فتكاليف الحج ليست في الغلاء والرفاهية والطعام الفاخر، وإنما هي في إشاعة التعاليم السامية التي يجب أن يقتدي بها الحاج وأهمها المساواة.
Hrbda2000@hotmail.com