عبثاً يحاول المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي، ومثله الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أن يلهيا شعب إيران الشقيق عن متابعة الوضع المضطرب والدامي داخل بلادهم، أو صرف أنظارهم عن التفاعل معه بالاحتجاج على كل ما هو مدمر وقاتل ومسيء إلى هذا الشعب الشقيق، بينما يستمر هذا النظام بافتعال مواقف وإثارة فتن وبث كل ما يولد الكراهية والحقد ويسيء إلى العلاقة بين أصحاب الديانة الواحدة، من خلال الزج بالأبرياء الإيرانيين في صراعات ومشاهد دموية في أقدس بقاع الدنيا والدعوة إلى ذلك بحجج ومبررات واهية وغير صحيحة مستخدمين عبارات وفتاوى تنسب إلى الخميني قالها في حياته لإقناع شعب إيران بها.
***
وعبثاً يكرر علي خامنئي، ومعه أحمدي نجاد، مرة بعد أخرى، (سيناريو) يضع إيران في هذا المأزق الخطير من الخلافات والمواقف المشبوهة؛ ليصبح إثر ذلك لا حيلة لأحد في امتلاك القدرة والقوة لإنقاذ الإيرانيين المضلل بهم من أتون نتائج هذه التصرفات الحمقاء التي افتعلها النظام الإيراني مستخدماً آلته الإعلامية للترويج لكل ما هو ملتهب ودام من التصرفات، بينما هو في غنى عنها نسبة إلى أضرارها ومأساوية نتائجها الواضحة لكل ذي عقل راجح وعين مبصرة من الإخوة الإيرانيين الراشدين.
***
وعبثاً فإن الرجلين لا يحاولان معالجة ما تمر به إيران من أزمات مستفحلة وظروف صعبة وعزلة دولية، والخروج من هذا الوضع بأقل الخسائر، وإنما يضيفان إليه من التصرفات ما يكرس القهر والظلم لهذا الشعب المنكوب في ظل نظام ميئوس منه؛ حيث إنه لا يملك في مواجهة مطالب شعبه وإصلاح أوضاعه إلا تهيئته لأعداد من السجون والزج بالمزيد من الإيرانيين المطالبين بالإصلاح في غياهبها المظلمة، مع صرف أنظار بقية أفراد الشعب عن الأوضاع الداخلية بمثل ما يتحدث به الرجلان عن الحجاج الإيرانيين من ادعاءات كاذبة عن مستوى المعاملة التي يجدونها أثناء أدائهم للحج.
***
يقول السيد علي خامنئي إن الحجاج الإيرانيين (الشيعة) يتعرضون للإهانات، وحتى الإساءة إلى الأعراض، وإنها تتم باتجاه أهداف ومطالب أمريكا والأجهزة الاستخباراتية الأجنبية، بينما يذهب أحمدي نجاد إلى التلويح صراحةً بأن هناك قرارات مناسبة ستتخذها بلاده إذا لم يتلق الإيرانيون معاملة مناسبة خلال أدائهم مناسك الحج، وأن على الحجاج الإيرانيين الاستفادة من كافة طاقات هذه الشعيرة، ومنها البراءة من المشركين؛ باعتبار الحج فرصة استثنائية، مضيفاً أن (العالم) يزداد شوقاً إلى سماع نداء الشعب الإيراني وتعزيز العلاقة معه.
***
هذا يعني التحضير لأعمال شغب يقوم بها شيعة إيران خلال موسم الحج، وتنظيم المظاهرات، والإخلال بالنظام، وعدم الالتزام بالتعليمات، وتسييس الحج، وهذه خطوط حمراء يعرف أركان نظام الحكم في إيران أنه من غير المسموح لهم ممارستها، وأن المملكة لن تتساهل مع من يفكر في تعكير الأجواء، وستتعامل معهم بكل الحزم والقوة؛ لضمان سلامة الحجاج، وأن رجال الأمن (السعوديين) البواسل هم من الآن في كامل جاهزيتهم واستعدادهم لمواجهة أي خروقات أو أعمال شغب قد يفكر في القيام بها شيعة إيران.
***
ولا نعتقد أن قادة إيران قد نسوا أو غاب من ذواكرهم الثمن الذي دفعوه حين ألبوا حجاجهم في العام 1987م حيث دفعوا الثمن بسقوط أكثر من أربعمائة قتيل خلال مسيراتهم ومظاهراتهم وعبثهم خلال موسم حج ذلك العام، ليعلنوا هذا العام من جديد عن التعبئة للإخلال بالنظام، وكأن الدماء التي سالت في الأماكن المقدسة لا تعنيهم بقدر ما يعنيهم أن يستجيبوا لدعوة إمامهم الخميني بالبراءة من المشركين من خلال الصدامات الدامية مع أجهزة تنظيم الحج، وممارسة بعض الطقوس التي لا تنسجم مع تعاليم الإسلام، فضلاً عن إظهار المناسبة الدينية وكأنها فرصة لتصفية الخلافات الإيرانية مع غيرها من الدول.
***
إن رفع الشعارات التي تمثل مذهباً أو طائفة أو دولة هو خروج على تعاليم الإسلام وعلى إجماع الأمة بأن الحج موسم عبادة وليس مكاناً لاستعراض القوة بالمظاهرات والمسيرات ضد الدول غير الإسلامية، وبالتالي فإن إقحام السياسة بالدين، وتسيير الحشود من قبل حجاج إيران الشيعة هو تصرف أحمق وغير مسؤول يسأل عنه النظام الإيراني الذي سيتحمل لوحده مسؤولية النتائج التي ستكون مؤلمة على الحجاج الإيرانيين إذا ما استجابوا لتوجيهات نظامهم وقاموا بما أعلن عنه الرئيس والمرشد من مسيرات ومظاهرات دون الالتزام بالنظام الذي هو من مسؤولية سلطات المملكة.