القاهرة - مكتب (الجزيرة) - دينا عاشور - نهى سلطان:
استنكر علماء الأزهر التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ومرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي بشأن موسم الحج، معتبرين أن استغلال الفريضة في الترويج لأعمال سياسية جدال يفسد الحج، وطالبوا السلطات السعودية بالتصدي لكل الذين يخالفون قواعد الشرع أثناء شعائر الحج، وأكدوا أن المملكة، قيادةً وحكومةً وشعباً، وفي المقدمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يقومون بكل الجهد من أجل خدمة ضيوف الرحمن دون التفريق بين أصحاب المذاهب، وأشاد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية بالعناية المستمرة التي توليها المملكة لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين، على اختلاف جنسياتهم، منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وتوفير جميع الخدمات اللازمة التي تمكنهم من أداء نسكهم في أجواء آمنة مطمئنة.
وأكد جمعة أن الأعمال الإسلامية المتواصلة لضيوف الرحمن تسجل لمؤسس هذه البلاد وللملك عبدالله بن عبد العزيز وإخوانه ممن سبقوه من إخوته الملوك؛ لأنهم فعلاً خدموا الحرمين الشريفين، وجعلوا الحج ميسراً غاية في التيسير وآمناً غاية في الأمان، ولفت أنظار الناس إلى أن هذه الشعيرة مهمة جداً؛ حتى زادت الأعداد هذه الزيادة الضخمة غير المتصورة أو فوق ما كنا نتصوره إطلاقاً. وقال جمعة: إن قيادة هذه الدولة تقدم لضيوف الرحمن خدمات راقية عالية أنفقت فيها ملايين الملايين من الريالات، وهذا الإنفاق فعلاً كان لوجه الله، وكان دالاً على كرم الضيافة، وخصوصاً لضيوف الرحمن، مشيراً إلى أن المملكة نجحت نجاحاً باهراً في كل هذا من الناحية العلمية, والبحثية، والدينية، والأمنية، ومن ناحية بناء الهياكل الأساسية، والطرق وغيرها، والناحية التنظيمية، ومن كل النواحي ضربت المثال الراقي لأداء هذا المنسك بهذا العدد غير المسبوق في تاريخ المسلمين بأن يزور البيت الحرام في وقت واحد وفي أيام معدودة وفي حركة واحدة أكثر من ثلاثة ملايين نسمة أو يزيد لهذا الطوفان من ضيوف الرحمن.
وشدد الدكتور محمد رأفت عثمان عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة على ضرورة أن يخلو الحج من أي مشكلات تثار بين الحجاج في هذا الموسم الفاضل؛ لأن الحج بطبيعته يجمع ملايين الحجاج ليتعارفوا ولتزداد الأخوة والسلام بينهم؛ قال عز وجل: (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، وأي جماعة تتخذ الحج مجالاً لتوجهات سياسية معينة أو تقوم بأفعال تعكر على الحجاج أداء مناسك الحج فإنها بذلك تخالف شرع الله في الحج ويكون غير مقبول شرعاً، مؤكداً ضرورة اجتناب الخلافات والنزاعات في الحج، والتحلي بروح التسامح، وأشاد بما تقدمه المملكة في خدمة بيت الله الحرام، والتجديدات والأعمال المستمرة التي تيسر أداء الحج على الناس؛ فأصبح أداء الحج في هذا العهد أيسر من عقود مضت، وهذه جهود ملحوظة ومحمودة من المملكة التي تسعى لتيسير أداء الحج وخدمة وراحة الحجاج.
كما حذر الدكتور مصطفى الشكعة رئيس لجنة المتابعة بالمجلس الأعلى للبحوث الإسلامية من استغلال موسم الحج لأغراض سياسية؛ لأن السياسة إذا دخلت في القضايا الدينية تفسدها وتضرها؛ مما يتطلب ضرورة ألا تتطرق الخصومة إلى موسم الحج، مؤكداً أن الحكومة السعودية لم تتعرض مطلقاً لأي طائفة من الحجاج، وهي تعامل جميع الحجاج معاملة حسنة طيبة، وتوفر لهم ما يكفل أداء مناسك الحج في يسر وأمان، مشيراً إلى أن الدولة السعودية قدمت العديد من الخدمات للحجاج، وقامت بتوسيعات غير مسبوقة في الحرم ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى أصبح المسجد عشرة أمثال ما كان عليه من قبل، فضلاً عما تبذله من جهود للحفاظ على أمن الحجاج والنظام والنظافة وتوفير كل الوسائل لإسعاد الحجاج.
واستنكر الدكتور عبدالمعطي بيومي العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، استغلال موسم الحج سياسياً والإشارة إلى تنظيم المظاهرات في الحج؛ مما يعتبر جدالاً في الحج ومعصية كبيرة نهى الله عنها، مطالباً الحجاج الإيرانيين بالالتزام بما جاء في القرآن والسنة عن الحج؛ لأنه توجيه إلهي لا يجوز مخالفته؛ فقد قال تعالى: (َلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)؛ مما يتعين على المسلمين الامتثال لأمر الله تعالى، لافتاً إلى أن الحكومة السعودية مسؤولة عن ضبط الأمن والنظام في موسم الحج، وخصوصاً أنها تعامل جميع الحجاج معاملة حسنة ولا تسيء إلى أي طائفة، أياً كانت، مؤكداً ضرورة أن تتخذ المملكة الإجراءات الرادعة لمَن يحاول أن يخرق قواعد السلوك في الحج، أو يرتكب محظوراً به.
وأكد الدكتور محمد عبدالمنعم البري الأمين العام السابق لجبهة علماء الأزهر أنه لا يصح مطلقاً رفع أي شعارات سياسية أو طائفية أثناء وجود الحجاج في الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، مطالباً سلطات الأمن السعودية بالتصدي لأي محاولات من شأنها أن تعكر صفو الحج؛ إذ إنها منوط بها الحفاظ على أمن الحرمين الشريفين، وقال: إن أي إساءة تقع في أرض الحرمين هي إساءة إلى الإسلام والمسلمين كافة، وإن استغلال موسم الحج لتحقيق أي مآرب سياسية فتنة كبرى تمزق شمل الأمة.
وأوضح الشيخ فرحات المنجي، وهو عالم أزهري بارز، أن المملكة تبذل قصارى جهدها في سبيل إعلاء كلمة الله، والتيسير على الحجاج لأداء مناسك الحج في أمن و أمان؛ فهم يقومون كل عام بالتجديد والتطوير بما يصب في مصلحة الحجاج؛ فهم يفعلون ما لم تقدر أي دولة على فعله لخدمة الإسلام والمسلمين، وأضاف المنجي: لقد كنت في المملكة العربية السعودية عام 1977 لأداء فريضة الحج، ورأيت بعيني ما يقوم به الإيرانيون من أعمال تخالف تعاليم دين الله تعالي، وكانوا يكتبون على حوائط الأنفاق باللون الأسود وبالخطوط العريضة (الله أكبر، الخوميني أكبر)، كما رأيت الرجال في المسجد يصلون خلف الإمام صلاة كلها فتنة، ورأيت النساء يصلين خارج المسجد ويتوسطهن رجل يمسك بكتاب يقرأ منه، والنساء يبكين بأصوات عالية، وجميعها أمور تخالف شرع الله، وعلى الرغم من هذه المخالفات فلم تتعرض المملكة لهم بأي سوء، وقال المنجي: لقد قمت بزيارة إيران أكثر من مرة، ودخلت بيوتهم؛ فوجدتهم يفعلون أفعالاً لا تمت إلى الإسلام بصلة، واستنكرت كثيراً عندما حضرت مؤتمراً بها مع وفد من الأزهر، فإذا بالسيدة التي كانت ترأس المؤتمر تقول إنها ترحب بأصحاب الديانات الأربعة، وكانوا يقصدون بالديانة الرابعة المجوسيين؛ مما أثار غضبي وعزمت ألا أحضر لهم مؤتمرات أخرى. وأكد المنجي ضرورة أن تضرب المملكة بيد من حديد على يد كل مَن تسول له نفسه إفشال فريضة الحج، أو العبث بها؛ لأنها فريضة فرضت من رب السماء.
وقال الشيخ عمر الديب وكيل الأزهر سابقاً: إن الله - سبحانه وتعالى - جعل الكعبة المشرفة أمناً للناس؛ مما يتطلب من كل مسلم أن يعين الناس على أداء فريضة الحج في أمن وسلام؛ فقد حرم الله قتل الصيد في الحرم؛ فكيف يقوم الإيرانيون بإرهاب الحجاج بالتنويه عن تنظيم مظاهرات في موسم الحج، وإشعال الفتن وإثارة القلاقل بين الحجاج؛ الأمر الذي يرفضه جميع المسلمين في كل مكان، وأضاف الديب: لقد رأيت الرئيس الإيراني في موسم الحج عندما كنت أؤدي الفريضة، وكنت أسعى معه بين الصفا والمروة وكان وراءه الحرس الخاص به، وسمعتهم يهتفون هتافات معادية ضد الحكام العرب والمسلمين؛ فكانوا يدعون: (اللهم أهلك حكام العرب)، فكيف ينسبون إلى الإسلام ويفعلون مثل هذه التصرفات؟!
واستنكر الديب تصريحات القيادات الإيرانية بأن المملكة تعامل الحجاج الإيرانيين معاملة غير أخلاقية قائلاً: إنها تصريحات غير صحيحة، ويجب ألا تقال في حق المملكة؛ فقد التقيت بالحجاج الإيرانيين أكثر من مرة، ولم يتعرض أحد منهم للأذى؛ فهم كغيرهم من الحجاج يؤدون مناسك الحج في أمن وأمان. ومن ناحية أخرى وجدت الحجاج الإيرانيين هم الذين يفعلون أفعالاً خاطئة بعيدة عن الإسلام، وكاد الحجاج يهلكون من أفعالهم في الحج؛ فقد كانوا يرمون الجمرات بقوة وهم يهتفون: (أمريكا عدو الله، إسرائيل عدو الله)، وهذا المكان المقدس للعبادة فقط، ولا يحوز أن يستغل لأغراض أخرى. وأشاد الديب بما قامت به المملكة من التطوير والتوسعة اللذين شهدهما الصفا والمروة؛ مما يسَّر كثيراً من الأمور على الحجاج لأداء الفريضة في يسر وأمان.
وأكد الشيخ محمود عاشور رئيس لجنة القرآن بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن المملكة تعامل جميع الحجاج على قدم المساواة في كل شأن، ولم تسئ إلى أي طائفة سياسية أو دينية، وتعمل جاهدة على إسعاد الحجاج وراحتهم في موسم الحج؛ حتى يعودوا إلى بلادهم في أمن وسلام، كما رأيت المملكة وهي تقوم بأعمال تطوير جديدة كل عام لتيسير أداء مناسك الحج على الحجاج والعمل على راحتهم، ولا أحد ينكر عليها ذلك. وذكر عاشور أن الحج فريضة وعبادة، يذهب فيها الحجيج لتطهير نفسه من الذنوب والمعاصي، وليس لاكتساب معاصي وخطايا جديدة واستغلاله في عمل برامج وخطط سياسية يفسد بها الحج؛ فهو موسم عظيم يجب استغلاله للم شمل الأسرة الإسلامية وزيادة ترابطها بعضها ببعض، وكل عمل خارج عن إطار أداء فريضة الحج - كما شرعها الله - فهو مرفوض ومنبوذ ويفسد الحج، مشدداً على ضرورة أن تتخذ المملكة إجراءاتها لمنع تلك التصرفات المرفوضة للمحافظة على موسم الحج وحماية الحجاج ومساعدتهم على أداء الحج في أمان ويسر.