Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/10/2009 G Issue 13547
السبت 12 ذو القعدة 1430   العدد  13547
مطالب باستمرار تشديد الأوضاع النقدية لمنع تراكم التجاوزات في سوق الائتمان

 

الجزيرة - محمد بدير

أكد تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لخريف 2009 الصادر حديثاً عن صندوق النقد الدولي بأن هناك مطالبات بأن يزداد تركيز صانعي السياسات على المخاطر المالية والاقتصادية الكلية المحيطة، وهو ماينطوي على تشديد الأوضاع النقدية في وقت أبكر وبمزيد من القوة، سعيا لمنع تراكم التجاوزات الخطرة المبالغ فيها في سوقي الأصول والائتمان، خاصة أن دورات الركود السابقة في أسعار الأصول كانت مسبوقة في الغالب بتوسع ائتماني سريع، وتدهور مستمر في أرصدة الحساب الجاري، وتحولات كبيرة نحو الاستثمار في العقارات السكنية. ويؤكد ذلك الكثير من الأدلة على مساهمة السياسة النقدية المتراخية في السنة السابقة على الأزمة الراهنة في بعض البلدان، فقد سبق الأزمة إشارات تحذير كان ينبغي أن ينتبه لها صانعو السياسات النقدية، فقد سمحت البنوك المركزية (وفق التقرير) بتراخي الأوضاع المالية مما زاد من مخاطر الكساد المدمر، فالائتمان ومساهمة الاستثمار في اجمالي الناتح المحلي وعجز الحساب الجاري وأسعار الأصول عادة ماترتفع قبل أسعار الأصول، مما يتيح مؤشرات قيادية مفيدة لكساد اسعار الاصول.

ويرجح التقرير الدولي أن تظل هناك ضرورة لاستمرار الدعم المقدم من البنوك المركزية حتى العام القادم على الأقل في عدد كبير من الاقتصادات، وقد يستغرق الأمر وقتاً أطول بكثير حتى يتم التخلص من الأصول غير السائلة المتراكمة في الميزانيات العمومية لبعض البنوك المركزية، ذلك في الوقت الذي تمتلك فيه البنوك المركزية الأدوات اللازمة لاستيعاب الاحتياطيات حسب الحاجة لتشديد الأوضاع النقدية. مشيراً إلى أن القضيتين الاساسيتين أمام صانعي السياسة النقدية هما توقيت البدء بتشديد السياسة النقدية وكيفية تفكيك الميزانيات العمومية الكبيرة لدى البنوك المركزية، مؤكداً بأن ليس هناك تعارض كبير بالضرورة بين هذين الهدفين لوجود الأدوات اللازمة لبدء تشديد الأوضاع النقدية حتى في الوقت الذي لاتزال فيه الميزانيات العمومية أكبر بكثير من المعتاد، فوتيرة تفكيك تراكمات الميزانيات العمومية للبنوك المركزية ينبغي أن تعتمد على التقدم المحرز في استعادة أوضاع الأسواق الطبيعية وكذلك نوعية التدخلات القائمة.

ويأتي ذلك برغم حالة الاطمئنان التي ينشرها تقرير صندوق النقد الدولي، حيث أشار إلى أن برامج التنشيط المالي الكبيرة التي قامت به البنوك المركزية، وتمثلت في تخفيضات استثنائية كبيرة في أسعار الفائدة وتدابير غير تقليدية لضخ السيولة والحفاظ على استمرارية الائتمان، أدت إلى خفض حالة عدم اليقين وزيادة الثقة، مما شجع على تحسن الأوضاع المالية، حسبما يتبين من عمليات جني الأرباح القوية التي شهدتها أسواق كثيرة وانتعاشة تدفقات رؤوس الأموال الدولية. في الوقت الذي تحولت فيه معدلات النمو الاقتصادي إلى الاتجاه الموجب مع تدخل الحكومات على نطاق واسع لدعم الطلب والحد من كثافة أجواء عدم اليقين والمخاطرة النظامية في الأسواق المالية. وبرغم ذلك تظل أهم متطلبات السياسة الحالية تتمثل في استعادة صحة القطاع المالي مع الحفاظ على السياسات الاقتصادية المالية الداعمة إلى أن يصبح التعافي عميق الجذور، فالبيئة السائدة لا تزال مليئة بتحديات جسيمة تواجه المقترضين المصنفين في مستويات ائتمانية منخفضة، مما يثير التخوف من انعكاس المسار في ظل وجود عدد من مؤشرات الضغوط المالية مرتفعا.

ويحذر التقرير من الخطر الأكبر على المدى القصير والذي يتمثل في احتمال سحب تدابير التنشيط المالي على نحو سابق لأوانه، مطالباً بوضع استراتيجية اقتصادية كلية متوسطة الأجل لمرحلة ما بعد الأزمة كإجراء أساسي للحفاظ على الثقة في الملاءة المالية العامة والاستقرار السعري والمالي. فالتحدي الأكبر يكمن في تحديد مسار متوسط بين إنهاء التدخلات الحكومية في وقت أبكر من اللازم، وهو من شأنه تهديد الانجازات التي تحققت في تأمين الاستقرار والتعافي المالي، كما أن ترك هذه التدابير قائمة لفترة أطول من اللازم ينطوي على خطر تشويه الحوافز والإضرار بالميزانيات العمومية الحكومية.

وطالب التقرير أن تستحدث السياسات النقدية أدوات للسلامة الاحترازية الكلية تتغير مع الوقت وتصمم خصيصاً لتخفيف حدة الدورات في أسواق الائتمان، كما يقترح اتباع الطريقة الديناميكية في رصد المخصصات، والتي تقوم فيها المؤسسات المالية بتجنيب المزيد من رأس المال.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد