استطلاع - منيرة المشخص
جملة من العقبات تواجه البيروقراطية في الدوائر الحكومية وتصل إلى التحديات فيما يتعلق بالقطاع النسائي.. يظهر ذلك جليا فيما يتعلق بالشأن التجاري نسويا وواقعيا ما يتعلق بالشأن البلدي.
جهود كبيرة يضطلع بها القسم النسائي في البلديات لإثبات الذات من خلال الإجراءات المتبعة ذات الخصوصية التي ينشدنها سيدات الأعمال في الماضي بعد الظفر بالاستقلالية على اقل تقدير بالمباني في الوقت الراهن.
إلا أن المنشود مع التطلعات التجارية النسائية يتخطى استقلالية المباني إلى استقلالية الأداء المهني، وهو ما يمكن أن يمثل هاجسا تقف أمامه عدة ملاحظات وشكاوى، وقفت الجزيرة على بعض منها خلال زيارتها الميدانية إلى تلك الأقسام النسائية في البلديات وما يثار من أسئلة واستفسارات وجدنا إجابات لبعضها من المراجعات والموظفات وتتطلب الكثير منها للرجوع لمسؤوليها للنظر فيها وإثارتها إعلاميا، في خطوة لاستكمال البناء المهني بعد الاستقلالية البنيوية.
الجزيرة التقت بعدد منهن (تحتفظ المحررة بأسماء الكاملة للسيدات والمنشآت).
* السيدة أمل محمد سردت فور مقابلتنا قصة مشروعها التجاري المستقل الذي لم يكتمل؛ بسبب ما تعتقده من ملاحظات تنظر إليها على أنها غير مبررة تقول أمل: بعد عناء بحث عن محل للإيجار قررت فتح مشغل نسائي في موقع يندر فيه وجود مشاغل نسائية، وأردت من خلاله أن يكون طابعه مميزا بكل متطلباته، فتوجهت لبلدية شمال الرياض القسم النسائي للسؤال عن الشروط اللازمة - اختصارا للوقت - طلبا لرخصة مشغل وذلك للالتزامات المالية والمسؤوليات التي أتكبدها أمام من أعطوني ثقتهم بالمشاركة المالية التي تنتهي بانتقال ملكية المحل لي، فتم اخذ الطلب مني وقالوا لي انه بمجرد تجهيز الأوراق نعطيك الرخصة فورا، بعدما تمت معاينة الموقع والموافقة عليه.
وتضيف أمل: أصابتني الدهشة لسرعة إنهاء الإجراءات (كما كنت اعتقد) التي كانت غير التي كنت اسمعها عن البلدية، فأسرعت إليهم بحماس وسرور بعد عدة أيام من تجهيز الأوراق المطلوبة لاستخراج الرخصة من عقد إيجار المحل، واستخراج السجل التجاري، ورخصة فسح البناء، وبرنت من الأحوال، وصورة من بطاقة الهوية، إضافة إلى عرض سعر من الخطاط بمقاسات اللوحة التي سيتم تصميمها، لدفع رسوم الرخصة. وتواصل حديثها قائلة: ولكن يا فرحة ما تمت: فقد فوجئت بعدم اكتمال الشروط وانه لن يتم إعطائي الرخصة حتى يتم تعليق اللوحة التي كانت ستأخذ أكثر من عشرين يوما كما هو موضح لديهم في الفاتورة، إضافة إلى عمل الديكورات الداخلية التي ستأخذ شهرا إضافيا آخر، هذا غير وقت استخراج تأشيرات الدخول الذي لن يتم إلا عندما تكون الرخصة بحوزتي، وعند سؤالي الموظفة ذاتها عن طول المدة قالت لي: عليك بتجهيز المشغل من مرايا، ومجفف الشعر وخلافه، وان يبدو على الأقل بصورة مشغل نسائي للتجميل، مع التأكيد على انه لن يتم استخدامه لغرض آخر وفق الشروط الموضوعة.
وتضيف أمل قائلة: لقد ساءني ذلك جدا فعرضت عليهم توقيع تعهد بأن تكون جميع الديكورات جاهزة في خلال شهر نظرا لظروفي، وان تتم زيارتي لتحقق من ذلك ومساءلتي حال إخلالي بالتعهد إلا أنني تفاحات بقولهم إن الأمر ليس بيدهم بل بيد قسم الرجال وان الرخصة لن تستخرج ألا بواسطتهم، وأفادوني بأنه قد تم عرض طلبي (توقيع التعهد) على القسم الرجالي هاتفيا لكنهم رفضوا رفضا باتا ولذلك فهم لا حيلة لديهن.
وقالت أمل: لقد سمعت في إحدى مراجعاتي موظفتين تقول إحداهن للأخرى: انها أخذت تعهدا مكتوبا من صاحبة مشغل حتى تنهي إجراءاتها فأصابني الحنق! كيف يرفضون طلبي ويوافقون لأخرى؟
تردف أمل محمد قائلة: وإزاء محاولاتي المتكررة معهن اقترحن أن اكتب شكوى باسمي وتوقيعي لإيصالها للقسم الرجالي، ظنا منهم أن ذلك سيمتص استيائي ويجعلني استسلم لهذا الوضع غير العادل، فقررت أن أسرع في إنهاء جزء من الديكورات، كاللوحة والباب الخارجي وتجهيز التقسيمات من الداخل مع وجود مخطط واضح لصفة كل تقسيم بعدها هاتفت البلدية النسائية التي قدمت لاستكمال الإجراءات ورؤية المحل، لكنهم رفضوا وقالوا لي: لا نستطيع استكمالها لأن المحل غير مؤثث ويجب علي أن أجهز الأثاث، من مرايا وخلافه، وهنا شعرت حقيقة بشي غير طبيعي. فهذه المرة القسم النسائي هو المسؤول ولا دخل للرجال بالعقبات.
وتكمل أمل معاناتها قائلة: خاطرت بالبضاعة وأحضرتها قبل عدة أيام بوجود العمال القائمين على إنهاء اللمسات الأخيرة للديكورات، وجاء ت القشة التي قصمت ظهر البعير، فبعد حضورهم لتفحص المحل انهالت علي سيل من الأسئلة عن غياب ماكينة الخياطة وعزل غرفة القياس عن دورة المياه والساتر الداخلي وبعد توضيح الأمور لهم خرجوا مسرعين فجأة من المحل. مع الوعد بالعودة ومر الوقت ولم يتصل أحدهم فاتصلت بهم بعد ساعة تقريباً، ليعطوني صدمة أخرى انه غير كامل ولن يعطوني الرخصة.
الماكينة قبل الرخصة
وتلتقط البندري عبد العزيز (صاحبة مشغل) طرف الحديث قائلة: لقد مررت بنفس المراحل تقريبا من خلال مراجعتي للقسم النسائي، فإلى جانب ما قالوا من مبررات رفض أسرعت بسؤال شخص في فرع بلدية آخر وقال لي ان الماكينة ضرورية لأن البلدية لا تسمح بإعطاء رخصة مشغل ألا بوجودها، وتتساءل البندري ما هو الهدف من ذلك؟ مع انه بإمكان أي كان إحضار ماكينة خياطة من أي مكان لمدة يوم ومن ثم إعادتها لو أراد الشخص التحايل مثلما يقوم البعض، فما الهدف من هذا التعجيز؟.
وتقول البندري: كل ذلك تعطيل للوقت والجهد ولا يخفى على الجميع أن بعض المهن تتطلب وقتا في استقدام عمالة من الخارج لبعض المهن؛ نظرا لاستحالة ممارستها من قبل من هم بالداخل مثل (العناية بالقدم).
وأردفت البندري: وقد كنت طوال الفترة الماضية: أسأل يمينا وشمالا وأعرض مشكلتي وقد عرض علي بعضهم إصدار الرخصة بـ400 ريال فقط لا غير وآخرين بألف ريال... فيما اقترح بعضهم البحث عن واسطة.
هند سعود سيدة أعمال تمتلك مشغلاً قالت للجزيرة: لقد نفذت كل ما طلب مني حتى الباب الحديدي الذي من الممكن أن ينفر الزبونة نظراً لبشاعة منظرة مهما حاولت إضفاء لمسات جمالية عليه، وعند قدوم مراقبة المشروع ورؤيتها للجدار والباب الحديدي الذي تم إنشاؤه تساءلت عن سبب وضعي له وعدم الاكتفاء بوضع ساتر لاصق غير كاشف على الزجاج كبقية المشاغل؟ فذكرت لها إنه كان أحد شروط البلدية لإعطائي الرخصة على الرغم من إني كنت أتمنى أن أفعل ذلك وقد ناقشتهم كثيراً بالدليل أن هناك الكثير من المشاغل في مختلف مناطق الرياض غير ملتزمة بهذا الشرط، إلا أنهم قالوا من يخالف سيغرم، وتضيف هند: وطبعا المضحك المبكي والمستفز أن أول المخالفين مشغل يبدو واضحاً جداً بمجرد خروجك من باب البلدية على الجهة اليمنى، إضافة الى أنهم لم يخبروني بهذا الشرط فوراً، بل قالوا أمامك خياران اما الساتر اللاصق أو أن تبني جدار حاجزاً وعلى العموم انتظري لنتأكد ونسأل مما يعني عدم تأكدهم من التعليمات بدليل اللجوء إلى قسم الرجال، ثم هاتفوني وقالوا لي ان سده كلياً هو شرط إلزامي لصدور الرخصة!!
نادية القحطاني كان لها تجربة في مشروع اعتبرت أن المعوقات البيروقراطية أجهضته قبل أن يرى النور، وهو مطعم فريد من نوعه تقول نادية: قررت أن أكون صاحبة مطعم يقدم المأكولات ويكون العاملات فيه نساء على الشارع العام مثل أي مشغل نسائي، لكنني عانيت الأمرين لفتح مشروعي وذلك بسبب عراقيل البلدية في وضع قوانين غير منطقية من خلال إجباري على فتح المشروع داخل سوق نسائية وما تكبدته من مخاطرة حقيقية وتكاليف باهظة جراء منعها كونها امرأة، (فأين الخطأ في هذا الأمر؟)، مستذكرة ان الأسواق النسائية هي نفسها قد تكبدت خسائر جسيمة جراء اقتصارها على النساء فقط فما بالك بمطعم داخل سوق نسائي.
تضيف نادية: كنت أمني نفسي مع هذا المشروع الذي يتناسب مع تطلعاتي وطموحاتي وخططي التسويقية لنجاح مشروعي خاصة في صنع (السنبوسة)، وهي أكلة مشهورة ومرغوبة جداً في مجتمعنا خاصة في رمضان وحاجة المطاعم والسوبر ماركت لها بشكليها المقلي أو المثلج.
وتختم نادية حديثها قائلة: لقد قتلوا طموحي وطموح عدد من الفتيات السعوديات اللواتي كنا سيعملن معي واللاتي يجدن طهي الطبخات السعودية العربية لكنهم تعاملوا معنا وكأننا سنرتكب خطيئة، متناسين أن بهذه المعوقات أصبحنا عالة على المجتمع.
نفي التأخير
نقلنا تلك التساؤلات والشكاوى إلى رئيسة الوحدة النسائية في أمانة منطقة الرياض ليلى الهلالي التي نفت من جانبها أن هناك تأخيرا في إنهاء معاملات المراجعات فأوضحت ذلك قائلة: في الواقع ما يحدث هو عكس ذلك تماماً حيث إن الوحدة النسائية وكل فروعها حريصة على إنهاء كل المعاملات الخاصة بالمراجعات في الوقت المحدد متى ما استكملنا واستوفينا الشروط المطلوبة منهن على الوجه الأكمل، وفي حال كان هناك أي نقص بالشروط أو وجود مخالفات لدى المنشأة تعيق من استخراج الرخصة أو تجديدها، فإن ذلك يتطلب التأخير حتى تقوم المراجعة بما هو مطلوب منها، وأضافت الهلالي: وهنا أؤكد لكِ وللجميع انه لا يمكن أن يُقبل أي تأخير لأي معاملة وتحت أي ظرفٍ كان، وفيما يخص تدخلي شخصياً ومن خلال موقعي كمشرفة فإنه كما هو معروف في كل الأجهزة والقطاعات أن هناك بعض الحالات غير الواردة في النظام أو غير ذلك مما تحتاج تدخلنا من (موقع المسؤولية)، عدا ذلك فأنه يسير وينجز بصورة مباشرة دون تعطيل أو تأخير وفي كافة المعاملات دون استثناء وهو شعور موجود لدى جميع منسوبات الوحدة وفروعها (اللاتي تحملن المسؤولية بكفاءة عالية على الرغم من خبرتهن المتواضعة في مجال العمل البلدي، بحكم أن المرأة السعودية لم تقتحم هذا المجال إلا منذ أقل من عامين) فالكل يعرف أن التأخير غير مقبول ولكن عندما يكون ذلك من المراجعة فليس لنا إلا الانتظار حتى تطبق النظام.
وحول بقاء صلاحيات الفرع البلدي النسائي مرهونة بالأقسام الرجالية فيما الرخص الصادرة لمشروعات نسائية صرفة فتقول: منذ أن أنشئت الوحدة النسائية وحتى الآن وهي تعمل وفق صلاحيات كاملة وفق النظام الذي بموجبه قامت هذه الوحدة، وهناك أعمال كثيرة ومهام متنوعة ما بين إدارية وميدانية تقوم بها الوحدة النسائية وأقسامها وكلتها تحظى بقرار مباشر من المشرفة على الوحدة وكذلك مديرات الأقسام النسائية في فروع البلديات التابعة للأمانة، وفي الواقع نحن نستمد هذه الصلاحيات من سمو الأمين - حفظه الله - الذي أعطى الوحدة النسائية وفي يومها الأول (استقلالية تامة) لتعمل بصورة أكبر وتقدم ما هو مطلوب تجاه المرأة في المنطقة.
وأشارت ليلى إلى أن هناك التوسع قائم وسيظل مستمرا في حال كان هناك نشاطات ومهمات اكبر للوحدة إلى جانب افتتاح مزيد من الأقسام النسائية التي تقدم الخدمة الضرورية للمرأة في جانب البلديات والخدمات، وكما هو معلوم أن هناك منشآت نسائية كثيرة في منطقة الرياض وهذه بالتأكيد بحاجة إلى أكبر مستوى من الصلاحيات لكي نصل للمرحلة المطلوبة من العمل المثمر والناجح.
وأردفت الهلالي: المشاغل مثلها مثل المنشآت النسائية الأخرى بعضها يلتزم بما هو مطلوب من تعليمات وشروط فيما البعض الآخر تحدث لديه مخالفات ولا يلتزم بما يفرض ويقدم من شروط وقوانين تفرضها الوحدة النسائية وأقسامها في البلديات بحسب الأنظمة فليست جميع المنشآت النسائية على مستوى واحد من النظامية، والأمانة لديها مراقبات يقمن بالعمل على أكمل وجه ويقفن بأنفسهن على تلك المشاغل وغيرها من المواقع النسائية لمعرفة ان كان هناك التزام بالشروط والأنظمة أم هناك تجاوزات وهو ما يستوجب المطالبة بإزالتها وفرض العقوبات في حال عدم الالتزام بذلك.
وفيما يتعلق بالشكاوى التي تخرج من عملية التطبيق الفعلي يتم فيها غالبا الرجوع للقسم الرجالي، فتقول حول ذلك: كما هو معلوم أن الوحدة حديثة عهد وما زال لديها الكثير والكثير مما ستقدمه في الفترة المقبلة، وفيما يخص الرجوع للجانب الرجالي بحسب سؤالكم فإن الوحدة النسائية ليست من مكان آخر بعيد عن الأمانة بل هي خرجت من قلب الأمانة وتعمل بصورة تكاملية مع الجانب الرجالي في هذا الجهاز الذي يضطلع بمهام كبيرة ومهمة لا تخفى على أحد، فالرجوع وارد من الجانبين ولا يخرج عن مبدأ المشورة والاستفادة من الخبرات الأخرى في الجانب الرجالي الذي سبقونا بعشرات السنوات في خبرتهم، وهذا موجود في جميع أجهزة الدولة وقطاعاتها.