طرح المستشار القانوني ابراهيم الناصري تساؤلا عريضا عن الإجراءات التي ستتخذها الجهات التنظيمية للشركات كهيئة سوق المال ووزراة التجارة في حال المواجهة مع أزمة تعصف بعدد من الشركات دفعة واحدة.
وقال الناصري في معرض رده على أسئلة قراء (الجزيرة) ان الجهات التنظيمية حسب رأيه قصرت لعدم أخذها زمام المبادرة لإنقاذ شركة بيشة وتركها تغرق في المشاكل دون الوقوف مع المساهمين الذين بذلوا جهوداً مستميتة في سبيل إنقاذ الشركة.
وبين الناصري ان الجهات كان يمكن ان تتدخل ومد يد العون للمساهمين وإرشادهم وتوفير المظلة القانونية واقتراح بصورة غير رسمية أسماء على مساهمي الشركة لاختيارهم أعضاء في مجلس الإدارة لقيادتها عبر طريق طويل وشاق إلى أن تصل عمليات الشركة إلى مستوى مقبول لدى (تداول) وهيئة السوق المالية بما يكفي لقبولها ضمن نادي الشركات المدرجة, خاصة وان الجهات التنظيمية لديها من الصلاحيات والواجبات النظامية ما يكفي لتبرير التدخل لأن الحالة استثنائية وهنا يبرز وجوب اتخاذ إجراءات استثنائية... والى تفاصيل اجوبة المستشار على قراء الجزيرة.
* تتعامل شركتنا مع شركات مدرجة في السوق. ومن خلال هذا التعامل نستطيع معرفة مستوى أعمال بعض هذه الشركات وبالتالي نستطيع توقع نتائجها الفصلية والسنوية بصورة ليست بعيدة عن الواقع. فهل يحق لنا التعامل في أسهم تلك الشركات بناءً على ما لدينا من معلومات؟
أحمد .م - الدمام
تقتضي الإجابة عن هذا السؤال معرفة المقصود بالمعلومة الداخلية، التي يحظر نظام السوق المالية التداول بناءً عليها ويرتب على ذلك عقوبة تصل إلى السجن خمس سنوات. عرًفت المادة الخمسين من النظام المعلومات الداخلية بأنها (المعلومات التي يحصل عليها الشخص المطلع، والتي لا تكون متوافرة لعموم الجمهور، ولم يتم الإعلان عنها، والتي يدرك الشخص العادي، بالنظر إلى طبيعة ومحتوى تلك المعلومات، أن إعلانها وتوافرها سيؤثر تأثيرا جوهريا على سعر الورقة المالية أو قيمتها التي تتعلق بها هذه المعلومات، ويعلم الشخص المطلع أنها غير متوافرة عموما وأنها لو توافرت لأثرت على سعر الورقة المالية أو قيمتها تأثيرا جوهريا).وبناءً على هذا التعريف يجب توافر عدة عناصر لكي يعد شراء الأسهم أو بيعها تداولاً بناءً على معلومات داخلية، لعل من أهمها:
1 - أن يكون الشخص الذي حصل على المعلومة شخصا مُطلعا، ويقصد به من يحصل عليها بحكم علاقة عائلية أو علاقة عمل أو علاقة تعاقدية. وهذا العنصر متوفر بالنسبة للحالة موضوع السؤال، لأن الحصول على المعلومة الداخلية كان بسبب علاقة عمل مع الشركة.
2 - أن تكون المعلومة التي جرى التداول بناءً عليها غير متوافرة للجمهور وغير مُعلنة، وتكون من الأهمية بحيث يُدرك الشخص العادي أنها لو أعلنت لأثر ذلك بصورة جوهرية على سعر السهم سلباً أو إيجاباً. وتقييم مدى أهمية المعلومات التي أشار إليها السائل إنما يعتمد على طبيعتها وفقاً لما يُعرف بمعيار الشخص العادي المبين أعلاه. وهذا النوع من المعلومات مرتبط بواجب الإعلان عن التطورات الجوهرية، ومن ثم فإن الشركة المُدرجة يُفترض فيها أن تُعلن عن تلك المعلومات فوراً مما ينزع عنها صفة السرية. والمشكلة التي يثيرها السائل قد تكون أكثر تعقيداً متى ما كانت المعلومات التي تداول بناءً عليها قد تراكمت لديه عبر فترة زمنية ممتدة، الأمر الذي يُخرجها عن مجال التطور الجوهري وبالتالي قد لا تُعد معلومة داخلية.
* هل ترون في عودة شركة أنعام للتداول بارقة أمل لعودة شركة بيشة للتداول؟
سعيد الغامدي - الباحة
- هناك اختلاف كبير بين الشركتين، وهو وجود إدارة مستقرة وجريئة ومنظمة لدى شركة أنعام، في حين أن شركة بيشة تمر بظروف غامضة بحيث يصعب القول بوجود مجلس إدارة لها في الوقت الحالي. ومعلوم أن ترتيب الشركة لبيتها من الداخل أمر لا بد منه من أجل معالجة تعثرها ثم عودتها للتداول. والخطوة الأولى في هذا الطريق هي عقد جمعية عامة عادية لمساهمي الشركة لانتخاب مجلس إدارة مؤهل لقيادة الشركة عبر طريق طويل وشاق إلى أن تصل عمليات الشركة إلى مستوى مقبول لدى (تداول) وهيئة السوق المالية بما يكفي لقبولها ضمن نادي الشركات المدرجة. ومن الجدير بالذكر والثناء أن عدداً كبيراً من مساهمي الشركة بذلوا جهوداً مستميتة في سبيل إنقاذ الشركة، ولكن كان هناك - في رأيي - تقصير من الجهات التنظيمية لعدم أخذها زمام المبادرة لإنقاذ الشركة، ولعدم مد يد العون لهؤلاء المساهمين وإرشادهم وتوفير المظلة القانونية لهم، حتى لو اقتضى الأمر اقتراح هذه الجهات بصورة غير رسمية أسماء على مساهمي الشركة لاختيارهم أعضاء في مجلس الإدارة، فالحالات الاستثنائية تبرر اتخاذ إجراءات استثنائية. أما أن تقف هذه الجهات موقف المتفرج أمام موضوع يمس عشرة آلاف مساهم، بالرغم من أن لديها من الصلاحيات والواجبات النظامية ما يكفي لتبرير التدخل، فإن ذلك أمر يصعب فهمه وتبريره. والسؤال هو: ماذا لو واجهنا مشاكل مثل تلك التي عصفت بالشركات الأمريكية خلال العام الماضي؟.
كثيراً ما يتردد مصطلح الأعمال التجارية، والأعمال المالية أو الاستثمارية. فهل هناك من فرق بينهما؟ وما هي أهمية التفرقة بينهما؟.
نجوى ع. - جامعة الملك سعود.
التفريق بين الأعمال التجارية والأعمال المالية يعتمد على طبيعة النشاط. فالنشاط الذي يقوم من خلاله الشخص باستثمار ماله أو جهده بنفسه يُعد من الأعمال المتعلقة بقطاع التجارة على وجه العموم. أما النشاط التي ينطوي على تولي شخص إدارة أو استثمار أو حفظ أموال شخص آخر فإنه يعد من الأعمال المالية. فمثلاً يشمل قطاع التجارة المؤسسات الفردية والشركات التي لا يتجاوز عدد الشركاء فيها الخمسين، التي يُمارس التجار من خلالها الأنشطة الزراعية والتجارية والصناعية والخدمية، وتُشرف على هذا القطاع وزارة التجارة والصناعة، ويدخل ضمن الاختصاص القضائي للمحكمة التجارية (ديوان المظالم). أما القطاع المالي فيشمل النشاط المصرفي والتأميني الذي تشرف عليه مؤسسة النقد وتختص بالفصل في المنازعات المتعلقة به اللجنة المصرفية ولجنة الفصل في منازعات التأمين بالمؤسسة، ويشمل أيضاً قطاع أعمال الأوراق المالية الذي تُشرف عليه هيئة السوق المالية ويختص بالفصل في المنازعات المتعلقة به لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بالهيئة. كما يشمل الشركات التجارية التي يتجاوز عدد الشركاء فيها الخمسين، لأن الممارسات العمليةكشفت عن أن وصول الشركاء في الشركة إلى هذا الرقم يُحولهم إلى مستثمرين صامتين، أي أنهم يكونون تحت رحمة إدارة الشركة. ولهذا تقضي العديد من قوانين الدول المتطورة بانقلاب الشركة في مثل هذه الحالة إلى شركة مساهمة، بما يترتب على ذلك من نتائج منها خضوعها لالتزامات مستمرة وانتقالها إلى دائرة اختصاص هيئات السوق. وفي المملكة يكتفي نظام الشركات الحالي بالنص في تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة على أنه لا يزيد عدد الشركاء فيها عن خمسين. أما مشروع نظام الشركات الجديد فقد ذهب خطوة أبعد إلى الأمام حيث ورد في تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة أنها (الشركة التي تتكون من شخص أو أكثر ولا يزيد عدد الشركاء فيها عن خمسين شريكاً إلا إذا كانت الزيادة ناتجة عن الإرث وفي غير هذه الحالة إذا زاد عدد الشركاء عن خمسين شريكاً فتحول الشركة إلى شركة مساهمة مقفلة خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر، وإذا مضت المدة المذكورة دون أن تتحول الشركة انقضت بقوة النظام). وتكمن أهمية التفريق بين القطاع التجاري والقطاع المالي في أن القطاع المالي هو الذي يستدعي التدخل التنظيمي الحكومي الكثيف نظراً لانطوائه على استعمال أموال الآخرين Other peopleصs money مما يجعل المستثمر، وعلى وجه الخصوص ما يعرف بالمستثمر الصامت، يقع تحت رحمة الشخص الذي يدير ماله أو يحتفظ له به أو يستثمره نيابة عنه. كما أن هذا القطاع إذا لم يخضع للرقابة الحكومية والتنظيم قد يترتب عليه تنامي الاحتكارات الكبيرة الضارة. ولهذا السبب نجد أن القطاع المالي في المملكة يخضع للتنظيم من كل من مؤسسة النقد وهيئة السوق المالية حسب الاختصاص. أما القطاع التجاري فإن المصلحة تقتضي إحاطته ببيئة مرنة وإزالة أكبر عدد من القيود من طريقه لكي ينمو ويزدهر بعيداً عن اجتهادات البيروقراطيين، ولاسيما وأن المخاطر التي ترتبط بهذا القطاع محدودة.
Ibrahim@alnaseri.com