وليد العبدالهادي(*)
مبيعات التجزئة وأسعار المستهلكين والمنتجين وأرقام الناتج المحلي، كلها شهود عيان على أنّ الصين وبأرقامها المشرقة مؤكد أنها ليست في أزمة، وفي أسوأ الظروف قد تكون في الأوج الاقتصادي تختلف هذه النظرة عن من ينعت الاقتصاد الصيني بأنه أجوف كما هو الحال في التنين وأكبر المستفيدين من نموها اليابان وأمريكا حيث لوحظ تحسن الصادرات اليابانية، أما هذا الأسبوع كان مدجج بالإشاعات والمخاوف من أن يقوم الفدرالي الأمريكي برفع مفاجئ لسعر الفائدة ومخاوف المضاربين في أسواق النفط من أن تقوم (أوبك) برفع معدلات الإنتاج في اجتماعها القادم مما أصاب الأسعار بتبلد أما الذهب يتأهب لمرحلة سعرية أكبر لكن بالتنسيق مع الدولار بعد جس نبض شهية المخاطرة في الأسواق لما تبقى من هذا العام وجميع الأصول تستعد للتضخم لكن أبرز المرحبين والمبادرين هم (الدولار - النفط - الذهب).
الدولار الأمريكي
عاد الدولار إلى مستوى 76.5 أمام سلة عملاته ليقلص خسائره مدعوما بأسباب عديدة أبرزها ظهور بعض الإشاعات حول رفع سعر الفائدة بشكل مفاجئ من الفدرالي، ومن الناحية الفنية العملة تؤسس لمنطقة قاع لبضعة أشهر قادمة يبدو ذلك من ضعف عزوم البيع لآخر ثلاثة أشهر، وبشأن الذهب لم يحدث مستجدات سوى تعرضه لعملية جني أرباح بسبب تألق الدولار، أما النفط فهو يعانق الحاجز النفسي لمستوى 80 دولار للبرميل خصوصا مع ارتفاع مخزون النفط الخام وفقا لتقرير وكالة الطاقة الأمريكية إلى 0.8 مليون برميل مما أثر على قوة الطلب لأن العلاقة عكسية بينهما، وبنظرة شاملة يمكن أن نلخص نتائج الربع الثالث بأنها جاءت عند التوقعات وكانت عمليات إعادة الهيكلة وخفض التكاليف السمة البارزة أي لا يوجد نمو حقيقي لكن في مثل هذه الظروف تعتبر عمليات إعادة الهيكلة أولى من التفكير بالنمو.
أما بشأن الأرقام أعلن عن ارتفاع لشهر أغسطس في أسعار المنازل إلى مستوى 146 من 144.23 دليل قوة طلب ونمو الإنفاق لدى المستهلكين وارتفاع في المبيعات ولم يضطر البائعين لخفض الأسعار تلبية لحاجات ورغبات المشترين، لكن الأسوأ هو تراجع ثقة المستهلك لهذا الشهر إلى 47.4 من 53.1، والأهم فيما سيعلن عنه هو قرار سعر الفائدة وأرقام الناتج المحلي الإجمالي .
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
يسير في اتجاه صاعد وبزاوية 60 درجة تقلصت بعد انفراج كبير دليل ضعف في الاتجاه لكن الأهم هو مستوى 1.47 كدعم أسبوعي بعد تحقيق قمة بيعية جديدة عند 1.50 تقريبا وهو ما يقف عليه حاليا وتخوف كبير من كسر لخط الاتجاه الصاعد.
الجنيه الإسترليني مقابل
الدولار الأمريكي
نجحت الشموع المفصلية في عكس الاتجاه الهابط وتحويله إلى مسار جانبي بتداوله فوق 1.63 كما كان متوقعا في التقرير السابق والأهم الآن هو شد العزوم فوق مستوى 1.605 لأنها تعتبر نقطة التوازن، لكنه أظهر تألق ملفتا بتماسكه فوق 1.63 مما أعطى أريحية في التداول.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
يسير في اتجاه صاعد على مستوى الحركة اليومية أوجها المتوقع عند 92.5 وفقا لرالي المشترين لكن على الحركة الشهرية هابط كما هو موضح في الرسم البياني ولم يظهر تذبذبا واسعا نظرا لكثافة الدعوم والمقاومات في هذه المنطقة.
اليورو
جدل واسع حول حركة اليورو الصاعدة لمن لا يؤمن بالتضخم لكن بالنظر إلى الاقتصاد الأوروبي نجد أنه معرض أكثر للمزيد من التضخم إلى 1.2% للعام القادم وفقا لتوقعات المركزي هناك لكن حاليا قد نشهد ارتفاع في أسعار المستهلكين على المقياس السنوي قبل نهاية العام أو في الربع الأول من العام القادم استباقا للتضخم العام لاسيما وأن أوروبا هي الأكثر اعتدالا في التعامل مع الأزمة ولا تشهد عمليات واسعة من إعادة الهيكلة كما هو موجود في أمريكا. لكن لا ننسى أن الطلبات الصناعية لشهر أغسطس ارتفعت 2% مقارنة بالنسبة السابقة عند 2.6% لكن لا نستطيع أن نبني عليه توقعاتنا فالأهم هو ثقة المستهلك في ألمانيا حيث هبطت إلى مستوى 4 من مستوى 4.2 لذا رأينا تفاعلا بهبوط اليورو أمام الدولار لأن هذا المؤشر يعتبر من المؤشرات السباقة في الاقتصاد أضف إلى ذلك ترهل العملة أمام الدولار في الآونة الأخيرة كما تم التنويه إليه مراراً.
الجنيه الإسترليني
تأتي الأنباء المفرحة من القطاع العقاري حيث أصدرت (رايت موف) تقريرها عن أسعار المنازل والملفت أنه على المقياس السنوي أول مرة يسجل نمو في أدائه حيث حقق نسبة نمو 0.2% مقارنة بانكماش 1.5% وبما أن الاقتصاد الملكي اقتصاد عقاري في ناتجه المحلي فقد أثر ذلك تأثيرا بالغا في العملة الملكية بحركة حادة ومباغتة نحو الصعود وهو أكثر ما لفت الانتباه في حركة العملات الرئيسية بلا منازع، وجاء مؤشر الموافقات على القروض العقارية لشهر سبتمبر ليعزز من الإيجابية حيث سجل 42088 طلب مقارنة بالرقم السابق بشكل كبير 38095 طلب، لذا أوفى الجنيه بوعده وحقق آمال المضاربين بالتماسك فوق مستوى 1.63 أمام الدولار.
الين
قلصت الصادرات اليابانية انخفاضها إلى -30.7% مقارنة بالشهر السابق عند -36% وهي بالمجمل منخفضة لكن تم تقليصه وهذا يدل على نجاح البلاد في تسويق بضائعها لأمريكا بسبب تدني الين أيضا استفادت من نمو الصين في بيع بضائعها لها وهما أكبر عميلين لليابان، أيضا تم الإعلان عن تراجع في نمو مبيعات التجزئة لشهر سبتمبر 0.9% مقارنة بالنسبة السابقة 1% ويتضح من ذلك سلبية مبطنة تظهر تدني مستوى إنفاق المستهلك وبالتالي هناك أثر سلبي على قطاع التجزئة، لكن تدني الين خصوصا أمام الدولار الأسبوع الماضي يدعم صادراتها لما تبقى من العام الحالي.
(تم إعداد هذا التقرير بعد إغلاق الأسواق الأمريكية يوم الأربعاء الساعة العاشرة مساءاً بتوقيت جرينتش)
(*) محلل أسواق المال
waleed.alabdulhadi@gmail.com