د. حسن الشقطي
بعد أربعة أيام من المسار الأفقي الضيق، تعرض سوق الأسهم يوم الاربعاء الماضي لانخفاض قوي تسبب في خسارته لحوالي 91 نقطة، وهو الأمر الذي أدى إلى إغلاقه على خسارة أسبوعية بحوالي 74 نقطة.. وقد حدثت هذه الخسارة رغم عدم وجود محفزات أو أخبار سلبية هامة يمكن القول بأنها كانت سببا في هذا التراجع الحاد للمؤشر.. لذلك، فإنه يمكن إعزاء ذلك إلى جني أرباح صحية وطبيعية لفترة صعود امتدت طيلة فترة الإفصاح عن نتائج أعمال الشركات للربع الثالث وما قبلها.. أكثر من ذلك، فقد أعلن بنك الراجحي عن تجنيب مخصصات ضد مخاطر خسائر الائتمان بقيمة وصلت إلى 594 مليون ريال رغم أن صافي القروض والسلف للبنك لا يزيد عن 623 مليون ريال.. فهل ذلك يعد بمثابة مؤشر سلبي على ارتفاع توقعات البنك لأعداد وأحجام المتعثرين من المقترضين منه؟.
36 شركة خاسرة:
في أحدث تطورات الإفصاح عن نتائج أعمال الشركات للربع الثالث، فقد وصل عدد الشركات الخاسرة في السوق إلى 36 شركة ذات مكررات ربحية سالبة.. منها 17 شركة جديدة لا تزال في مرحلة ما قبل التشغيل الفعلي، في حين أن 19 شركة منها هي شركات قائمة وتعمل فعليا في السوق.. وهو رقم غير قليل ويعادل 16.5% من إجمالي عدد الشركات المتداولة في السوق.. أما من حيث أعلى صافي خسارة في السوق، فقد جاءت شركة المملكة على رأسها، يليها بترورابغ ثم إعمار.. هذا وتمثل الشركات الخاسرة في السوق خلال الربع الثالث حوالي 11.6% من إجمالي قيمة رسملة السوق.
دلالات ارتفاع مكرر ربحية السوق 106%:
حسب نتائج أعمال الشركات للربع الثالث، فقد سجل مكرر ربحية السوق 17.3 مكرر، وهو ما يمثل ارتفاعا عن مستواه في مارس الماضي حيث كان يسجل 8.4 مكرر.. أي أن مكرر ربحية السوق سجل ارتفاعا بنسبة 106% خلال 6 شهور.. كما سجلت قيمة رسملة السوق زيادة خلال نفس الفترة من مستوى 774 إلى 1253 مليار ريال.. فحتى رغم معرفتنا أن عددا من الشركات الجديدة تم إدراجها في السوق خلال هذه الفترة، إلا أن هناك قدراً من التضخم قد نال القيمة السوقية للأسهم المدرجة.
صعود المؤشر 34% وخروج 3 أسهم ثقيلة خاسرة:
منذ بداية العام سجل مؤشر السوق صعودا بنسبة وصلت إلى 34.1%، وسجلت معظم الأسهم المتداولة صعودا بنسب متباينة.. وقد جاءت العديد من القياديات على رأس الرابحين، فقد ربحت سابك 59.2% وربح الراجحي 35%.. إلا أنه يوجد هناك عدد من الأسهم من بينها بعض الأسهم الثقيلة سجلت خسائر بنسبة متفاوتة خلال هذه الفترة، وعلى رأسها الاتصالات بخسارة 1.4%، وبنك البلاد بخسارة 27%، والمصافي بخسارة 11.2%.
لماذا رفع قيمة مخصصات البنوك الآن؟
رغم أن صافي القروض والسلف لبنك الراجحي لا يزيد عن 623 مليون ريال، فقد قام البنك بتجنيب مخصصات بنحو 594 مليون ريال، وهو سلوك مواز لتحركات معظم البنوك الأخرى لتجنيب قيم متباينة من هذه المخصصات بحد أدنى كان 50 مليون ريال لبنك البلاد. فلماذا يتم تجنيب هذه الأرقام الضخمة من المخصصات؟ وهل يدلل ذلك على أن هذه البنوك ستتعرض حتما لخسائر نتيجة تعثر بعض المقترضين فيها؟ وأكثر من ذلك، لماذا ظهرت هذه المخصصات رغم ظهور الكثير من المؤشرات على انتهاء تداعيات الأزمة المالية العالمية؟.. يوضح الجدول (1) حجم القروض في البنوك المدرجة في السوق وأيضا مخصصات خسائر الائتمان فيها، وهي توضح أن كل البنوك تقريبا تحتفظ بمخصصات من هذا النوع، إلا أنها تختلف من حيث القيمة.. بل تختلف كثيرا عند نسبتها إلى صافي القروض فيها، بشكل يوضح اختلافات جوهرية بين البنوك في التعاطي مع قضايا تعثر المقترضين فيها.. هذا ويعتبر بنكا الراجحي والبلاد من أكثر البنوك احتياطيا وتبنيا لسياسة متحفظة في تجنيب مخصصات كافية (معادلة في القيمة تقريبا) لتغطية أي تعثرات محتملة لديهما.
السوق بلا انهيارات:
البعض يروج بأن السوق يمكن أن يقبل على صدمات أو انهيارات جديدة، ولكن إلى أين يمكن أن يذهب وكيف يمكن أن يصطدم؟ فطالما السوق لا تناله طفرات أو مبالغات شديدة في مستوياته، فهو بالطبع غير معرض لانهيارات.. وفي اعتقادي أن هيئة السوق المالية لن تسمح بأي صعود مبالغ فيه للمؤشر، وخاصة في ظل التساؤلات والانتقادات التي تعرضت لها نتيجة حدوث فقاعة 2006؟ لذلك، فإن ثمرة الهيئة الحالية للسوق هي عدم حدوث فقاعات قوية لمؤشر السوق، وهي نفسها التي تضمن عدم حدوث انهيارات أو تصحيحات عنيفة مستقبلا.. وحتى إن حدث أي نزول عنيف خلال الفترة المقبلة، فهو لن يكون نتيجة تضخم جديد بقدر ما سيكون نتيجة امتداد لتصحيح الماضي.
محلل اقتصادي