كشفت دراسة حديثة حول سلوكيات العمل في بريطانيا أن كبار المديرين والمسئولين هم الأقل تحضرا في التعامل مع موظفيهم، اذ اتهم المشاركون في الدراسة رؤساءهم باتباع نمط تعامل محبط بالإساءة لهم أمام الزملاء في المكتب او من خلال إرسال رسائل تقريع عبر البريد الالكتروني بل ويذهب بعضهم الى حد تمزيق تقارير صغار الموظفين على الملأ.
وقالت واحدة من الموظفات المشاركات في المسح الدراسي: (في مناسبة ما قام مديري برفع صوته بحدة خلال حديثه معي عن عملي وقال لي أمام 20 زميلا ان عملي تافه لا قيمة له وان علي إعادته من جديد).
ويذهب بعض المديرين الى حدود لا تطاق في معاملتهم مع موظفيهم حيث قالت موظفة شاركت في المسح ان مديرها طلب منها الخروج في الجو الممطر لشراء فطيرة له على الرغم من أنها كانت وقتها حاملا في شهرها الثامن.
وقالت (كوليت هيل) الرئيس التنفيذي لشركة (سي اتش ايه) لاستشارات التواصل في أماكن العمل ان سلوكيات العمل السلبية لابد ان تتوج بداية من أعلى درجة بالهرم الوظيفي، ففي الشركات التي اعتاد رؤساؤها على اقتصار حسن التصرف فقط على النخبة المختارة يجب ألا نستغرب من تعامل المديرين الأقل منه درجة بحدة وفظاظة مع صغار الموظفين.
وتعد رسائل البريد الالكتروني الفظة سلاح المديرين الجديد في معاقبتهم للموظفين تفاديا للمواجهة المباشرة، فعلى سبيل المثال، قالت موظفة في العشرينيات من عمرها انها تلقت في إحدى المرات رسائل الكترونية من رئيسها الذي يبعد عنها بخطوات قليلة ينتقد فيها أخطاءها. وقال موظف آخر ان احد أعضاء الفريق الإداري في الشركة التي يعمل فيها يقوم عادة بإرسال ملاحظات حادة وجافة للعاملين لديه في اللحظة التي يكون فيها يتجهز للخروج من مكتبه بعد نهاية يوم العمل مدركا انه لن يلتقى مع من أرسل له هذه الملاحظات لعدة أيام لاحقة بسبب اختلاف مواعيد العمل.
بيد ان المسح على أهميته لم يتطرق الى مدى التغير الذي طرا على سلوكيات التعامل في المكاتب، لكن دراسة جديدة في أمريكا الشمالية أكدت ان هناك تدهوراً ملحوظاً في سلوكيات المديرين مع موظفيهم مع تزايد شكاوى الموظفين من المعاملة غير المتحضرة على مدى الأعوام الماضية. وأظهرت الدراسة التي أجرتها جامعة جنوب كاليفورنيا ان عدد الموظفين الذين قدموا شكاوي من رؤسائهم بسبب معاملتهم غير المتحضرة ارتفع من 20% عام 1998 ليصل 48% في العام الماضي.
ومن دون شك تؤثر هذه المعاملة غير المتحضرة وبشكل كبير ومباشر في مستويات الإنتاجية حيث يؤكد الموظفون المضطهدون أنهم يقضون اغلب الوقت في التفكير فيما يعانون ودراسة إمكانية تركهم لعملهم غير المريح.
ومن جانبهم، فان المديرين الكبار يرون أن الحق معهم فهم على حد تعبير 42 من المديرين والمشاركين في المسح ، لا يجدون الوقت الكافي ليكونوا لطفاء مع موظفيهم بسبب ضغط العمل وثقل المهام الملقاة على عاتقهم. وقال 25% من المديرين أنهم يفتقرون الى دليل واف يرشدهم الى الطريقة المناسبة لمعاملة موظفيهم. في حبن اكد20% ان شركاتهم لا تهتم أبدا بطريقة تعامل الموظفين مع بعضهم.
ويرى المشرفون على المسح ان هناك على الرغم من كل ذلك مؤشر ايجابي يتمثل في قدرة الموظفين على التعبير عن معاناتهم والإفصاح عما يواجهون في العمل من ضغوط. هذه في حد ذاتها خطوة اولى على طريق إيجاد الحل المناسب للمشكلة الآخذة في التفاقم.