يبدو أن صحفنا ووسائل إعلامنا العامة تشارك وبوعي منها في مسألة تضليل العامة عما يجب اتخاذه تجاه إنفلونزا الخنازير - أجارنا الله وإياكم منها -.. فحتى الأسبوع الماضي كان الكثير من المقالات والتصريحات التي تتناول هذا المرض تؤكد التشكيك في الحاجة للقاح، وفي ذات الوقت، وكما حدث مع كل واحد فينا، امتلأت أنظمتنا الإلكترونية برسائل وتصريحات الخبراء، التي تؤكد
عدم وجود دراسات تتبعية كافية حول الآثار الجانبية للقاح، وضرورة تريُّث الأهالي قبل السماح بحقنه في دماء أطفالهم، ومحاولة استخدام الطرق التقليدية في مكافحة الأوبئة مثل: المعقمات والالتزام بالنظافة العامة واستخدام بعض الأعشاب والحبوب الطبيعية مثل: الحبة السوداء واليانسون لمساعدة الجسم على بناء مقاومته الطبيعية.
هذا الأسبوع بدأ التغيُّر المفاجئ في المزاج العام للصحف، وبدأت تقدم أحاديث الخبراء والمختصين حول أهمية وضرورة أخذ اللقاح وخطورة التردد في ذلك من قِبل الأهالي لما قد يؤدي إليه ذلك من انتشار لهذا الوباء بدرجة خطرة، بل وتتابع تأكيد الصحف لهذا الاتجاه بنشر الأخبار المروعة لكل أب وأم عن وفيات لمراهقين في عمر الزهور في بعض مدن وقرى المملكة رغم أنهم يتمتعون بكل الصحة الممكنة، لكنهم لقوا حتفهم، لأنهم لم يتلقوا اللقاحات المطلوبة ضد هذا الوباء!!
نحن نرى أبناءنا ونسمح لهم كل يوم بأن يذهبوا للمدرسة، وهم عرضة أكثر من غيرهم بحكم التجمعات في الفصول الدراسية.. وأجزم أنني ومثل معظم من يقرأ لي في ما يبدو لا نعرف حقاً ما الذي يجب علينا أن نفعله تجاه ذلك.. ومن نصدق ومن نكذب وما هو القرار الذي يجب علينا اتخاذه؟.. وهل صحيح أن هناك اختلافات في نوعية اللقاحات المنتجة.. وأن ما يُوجد مثلاً في الولايات المتحدة أفضل مما يُوجد في غيرها؟؟؟!! هل تُوجد آثار جانبية حقاً أكثر مما هو متعارف عليه بالنسبة للقاحات التقليدية التي يتلقاها كل أطفالنا منذ ولادتهم؟؟؟
نحن كأهالي نعرف تماماً حرج موقف الحكومة التي تنتظرها مواسم صعبة بدأت بعودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة، وستستمر بقدوم موسم الحج خلال أسابيع قليلة، لكن الشفافية مطلوبة جداً في هذه المواقف.
نحتاج أن نعرف كمواطنين عاديين لا ناقة ولا جمل لنا في اتخاذ القرارات عن حقيقة ما يجري، فالمعني مباشرة هم أبناؤنا.. هم أعز ما نملك.. وهل من حيرة وقلق يمكن أن يطحنا أباً أو أُماً فيما لو أُصيب طفلهما بهذا الوباء، وهما من رفضا مثلاً في المقام الأول أخذ اللقاح خوفاً من الآثار الجانبية لوباء بات يهدد البقاء الكلي لهذا الطفل.
هل يصعب مثلاً على المسؤولين الكبار أن يخرجوا للعامة ويخبرونا صراحة عما إذا كانوا قد تلقوا هم وأبناؤهم هذه اللقاحات مقارنة بما يُقال إنه سيكون متوافراً في المدارس خلال أسبوعين؟؟؟ هل يُمكن نشر ما تعلق بالأمر من طلبيات الشركات وأسمائها حتى يمكن عقد المقارنة مع ما هو متاح لنا من معلومات على الويب حول الشركات المصنّعة للدول المتقدمة مقارنة بالدول النامية.
نحن لا نتوقع أن نظل نعتمد على الحكومة فنتوقع منها كما العادة أن تتخذ القرارات الخطرة بالنيابة فتجبر أطفالنا مثلاً على أخذ اللقاح في المدرسة، أو ترفض دخولهم لها، لكننا نطالب بمساعدتها باعتبارها الرأس الأكبر والمدبرة المعبّرة لحياتنا ودخولنا بأن توفر لنا المعلومات الكافية والحقيقية حول كل ما يتصل بهذا الوباء، وما تمَّ اتخاذه من إجراءات، لنتمكن في ظل هذه المعلومات من اتخاذ قرار نشعر معه بالثقة لأنه بُني على حقائق محددة تطرح عنا أفكاراً قد تكون مضللة.
ما الذي سنفعله مع الموجة الثانية من هذا الوباء التي تجتاح الولايات المتحدة حالياً والتي يُقال بأنها أكثر خطراً للدرجة التي تدخل الرئيس نفسه مطالباً بالحذر وأخذ الاحتياطات.. لذا فالسؤال الذي سنصدع به رأس المسؤول: نأخذ اللقاح أم لا؟؟؟