صورة العام في التعليم العالي.. هناك صور كثيرة تنتشر في كل مكان.. ووسائل الإعلام المطبوع تزخر بمثل هذه الصور التي تغطي صفحاته، وتعكس نبض الحياة الجامعية في المملكة.. وهنا اقصد الصور الفوتوغرافية.
التي تلتقطها عدسات المصورين للأحداث الجامعية والمناسبات التدشينية.. وما لفت نظري هو صورة التقطتها بعض الصحف، ونشرتها صحيفة رسالة الجامعة في عددها الأخير وكان بمناسبة افتتاح صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز لمؤتمر ريادة الأعمال.. حيث كان هذا الحدث هو الأبرز في مناسبات الجامعات السعودية في الأسبوع الماضي.. والصورة التي أعنيها هي صورة تذكارية التقطتها عدسات المصورين في نهاية الحفل تظهر فيها شخصية الراعي وعدد من أصحاب السمو والمعالي إلى جانب بعض مسؤولي الجامعة، وكذلك عدد من الطلاب.. الصورة التي اعنيها كانت لمعالي مدير الجامعة الدكتور عبدالله العثمان مع نخبة الشخصيات الرسمية والطلاب ومعهم مدير الجامعة.. ولكن عندما تبحث عن الدكتور العثمان لن تجده بين الشخصيات التي تقف في تلك الصورة، وعندما تدقق ستجده جالسا مع الطلاب.. ومن نقل لي الحديث عند التقاط هذه الصورة ذكر لي أن معالي المدير قال إنني أريد أن أكون إلى جانب الطلاب الجالسين.. والتقطت الصورة، التي تمثل لي ولجميع شرائح الطلاب في الجامعات السعودية نقطة تحول كبيرة في مفهوم العلاقة بين الأستاذ والطالب، أو المسؤول الجامعي والطالب الجامعي..
الصورة لا شك هي أكثر تعبير عن العلاقة التي ينبغي أن تكون مع الطلاب في الجامعات السعودية.. ولم تكن الصورة بالصدفة أو أنها مجرد حملة علاقات عامة، بل هي تعكس ما يدور حاليا بين إدارة الجامعة وبين كافة الطلاب.. ولا شك أن المناسبة التي احتوت على توقيع مبادرات شراكات طلابية توضح بجلاء عن مدى عمق وحقيقية هذه العلاقة في جامعة الملك سعود..
هذه الصورة تعطي دلالات واضحة تبين أن الطالب لم يعد مجرد رقم من الأرقام الكبيرة التي تموج بها الجامعات بعشرات الآلاف في جميع الجامعات السعودية، ولكنه أصبح فعلا شريكا حقيقيا مساهما في بناء الجامعة وتحولها من فكر نخبوي إلى فكر عام يتجه للطلاب دائما وفي جميع المستويات.. وخير دليل على ذلك العلاقة التي يبديها جميع الطلاب نحو الجامعة، فقد باتوا على قناعة تامة أن الجامعة هي بيت لهم، وليست مجرد مكان يمرون أو يضطرون للمرور به في كل يوم..
كانت منتديات طلاب وطالبات الجامعة من المواقع التي تتعالى الجامعة عليها في فترة مضت، ولكنها بدأت الآن تصبح جزءا من منظومة الحراك العام في الجامعة.. وأصبحت المنتديات على الرغم من كونها تشطح بين وقت وآخر إلا أنها باتت مركزا لمعرفة نبض الطالب والتعرف على همومه ومشكلاته.. بل إن الجامعة الآن ابتداء من مديرها إلى الوكلاء والعمداء يشاركون في هذه المنتديات بالرد على مشاكل وهموم الطلاب وتوضيح أبعاد وقضايا قد يغيب انتباه الطلاب فيها.. وهكذا أصبحت مثل هذه المنتديات أكثر نضجاً من غيرها من المنتديات الطلابية في جامعات أخرى، لأنها لاقت الاهتمام والتجاوب، ولنقل بلغة أخرى التواضع من مسؤولي الجامعة وأساتذتها وموظفيها..
الصورة قد جسدت مثل هذه العلاقة بشكل مرئي، فجلوس مدير الجامعة إلى جانب الطلاب هو دلالة على توجه الجامعة الحقيقي نحو الشراكة.. كما لا ننسى موقفا آخر حدث أمام عدسات التلفزة الدولية والعربية والمحلية عندما زار رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون جامعة الملك سعود، فبينما جلس إلى يمينه أعضاء في الوفد البريطاني، جلس إلى شماله طالبان من الجامعة.. في حين كان الوفد الرسمي السعودي جالسا مقابل الضيف.. وهذه دلالة أخرى على تغير النهج ومحاولة بناء روح جديدة في هذه الجامعة.. ليصبح الطالب مركزاً وليس هامشاً في منظومة الحياة الجامعية..
وأخيرا، بلا شك أن الصورة جاءت بطريقة عفوية وطبيعية، ولكنها ستبقى دلالة قوية على حضور الطالب في كافة مناسبات الجامعة، وندعو باقي الجامعات أن تعيد حسابات الطالب في منظوماتها الجامعية.. ولو قدر أن يتم اختيار صورة رمزية للحراك الجامعي الذي أطلقته مؤسسات التعليم العالي في بلادنا في السنوات الماضية، فستكون هذه الصورة مرشحة ربما مع صور أخرى لتكون من صور العام التي لا تنسى..
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية/أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa