لجأت وزارة التربية والتعليم مؤخرا إلى فكرة التعاقد مع المعلمين القابعين في قائمة الانتظار في طوابير الخدمة المدنية وذلك لسد احتياج الوزارة الحالي من أعداد المعلمين، ويلح السؤال:
لماذا التعاقد؟
لماذا لا يكون هناك تعيينات رسمية خصوصا ًإذا علمنا أن الاحتياج كبير، كما تؤكد وزارة التربية نفسها؟
أعلم أن الأمر ليس في يد الوزارة وحدها ثمة جهات كثيرة من بينها وزارة الخدمة المدنية، ولكن على الوزارة أن تسعى جاهدة لسد الاحتياج الواضح من المعلمين في عدد من مدارسها، إذ لا شيء أسوأ من مدرسة ثانوية على سبيل المرحلة لا يوجد بها معلم للتربية البدنية أو الرياضيات أو غيرها من التخصصات المهمة، ولكم أن تتخيلوا حجم العبء الملقى على كتف مديري المدارس، ثم نتساءل بعد ذلك وكأننا لا ندري لماذا العزوف عن إدارة وتدريس المرحلة الثانوية؟
خصوصاً وأن أنظمة وزارة التربية والتعليم في المملكة تساوي المعلمين والمديرين في جميع المراحل من حيث الراتب الشهري والمميزات الوظيفية، فهل يعقل أن يتساوى معلم يخرج من مدرسته عند الحادية عشرة بمعلم لا يخرج من مدرسته إلا عند الثانية ظهراً في بعض المناطق، أي أحمق يرضى بذلك؟
بطبيعة الحال لا يستوون، فالمراحل تختلف باختلاف المراحل العمرية للتلاميذ وما يصطحبها من تغيرات فسيولوجية تتطلب جهوداً مضنية في المرحلة الثانوية لاستيعاب هذه الطفرات الجينية التي تتطلب مزيداً من الإبداع التدريسي، مزيداً من الأنشطة، مزيداً من التربية البدنية، فالعقل السليم في الجسم السليم كما حفظنا منذ الصغر.
أمر آخر ألفت انتباه الوزارة إليه باعتبارها من أكثر الوزارات في المملكة اهتماماً بالحوار وترعى المقترحات وترحب بها، وهو المدارس المستأجرة التي تدفع لها الملايين في هدر لا يخفى على الجميع، وكثيرا ما نسمع من بعض مديري التعليم في المناطق التغني بحتمية التخلص من المدارس المستأجرة في غضون خطة خمسية، وأتساءل أحيانا هل نسيت تلك الإدارة (النقطة) الخاصة بكلمة الخمسينية؟
أما ما يتعلق بالمدارس المحدثة فهذا أمر آخر لا يقل غرابة وهدراً، فالمدرسة المحدثة بالضرورة هي مستأجرة، ولا يتم البحث عنها في الغالب إلا مع بداية العام الدراسي، ويتأخر العثور على مبنى مناسب من حيث عدد الغرف (مقلط ومطبخ) تخصص للفصول، ويستأثر مدير المدرسة في الكثير من هذه المدارس بالغرف الكبيرة، وليذهب التلاميذ إلى الجحيم، فالإصابة بأنفلونزا الخنازير قضاء وقدر في النهاية، أقول عن هذه المدارس المستحدثة أنها أوجدت خللاً واضحاً، فالمعلمون الموجهون لتلك المدارس لم يباشروا فيها والحال كذلك، فأصبح بقاؤهم عبئاً على المدارس التي بقوا فيها، يأتيك المعلم في التاسعة صباحاً فهو متفضل على مدرسته القديمة وإلا هو على ملاك المدرسة المستحدثة، وهكذا تنشأ مشكلات لا حاجة للمجتمع التربوي بها، وتظهر الفزعات والشللية والخاسر الوحيد هو ابنك وابني، فمتى تقضي وزارة التربية والتعليم على هذه العجوزات في أعداد المعلمين التي تفترض أنها معروفة في كل عام بحسب التوسع السنوي في أعداد التلاميذ والمدارس؟
ومتى تقضي الوزارة على ظاهرة المباني المستأجرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟
ألا توجد غير هذه المؤسسات الوطنية التي تماطل وتلغى عقودها ثم تعود مرة أخرى لتستلم ذات المباني؟
MK4004@HOTMAIL.COM