Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/10/2009 G Issue 13545
الخميس 10 ذو القعدة 1430   العدد  13545
نوافذ
العدل
أميمة الخميس

 

التوازن والقسط هو النظام الكوني الذي تقوم عليه المخلوقات ودونه لن يكون هناك سوى الفوضى والخروج عن الانسجام والانضباط.

وفي الحديث الضافي الذي نشرته جريدة الرياض مع معالي وزير العدل، كنا نستطيع أن نتقصى الآفاق الواسعة التي يشرف عليها الأكاديمي محمد العيسى، والرؤى المستنيرة التي ينطلق منها، والأرضية الشرعية الخصبة التي تؤمن بالتنوع والتعددية بحسب فكر ديني عميق قادر على تجاوز الطقوسية الشكلانية والنفاذ إلى روح الدين وسماحة الشريعة، مع اقتراب من الجمهور وإشراع بواباته للجميع من ضمنها حيزه في موقع ال face book.

وقد جاء في حديثه قوله:

(ولا نختلف أنه ما أعاق تقدم الأمة من شيء مثلما أعاقته التوجسات والأوهام، ولا يخفى أن الفوات العلمي، وغياب معاني النصوص، واحتكار الصواب، وتلقف السائد، دون عرضه على محك النصوص، جناية على الشريعة والأمة. لقد حقق الإسلام عالميته بشمول نصوصه، وأفق علمائه، وعزم رجاله، وكان ذلك في قرون سالفة، تسعى إرادة الخير لتجديد عهدها وتبوئها ما يليق بها من مكانة، في سياق المصالح العليا لإعادة مجد الأمة).

حديث معالي الوزير لا يحتوي بين جنباته مضموناً فكرياً واسعاً رحباً فقط, بل أيضاً يستطيع القارئ أن يستشف همة وعزماً كبيراً بين أعطافه يسعى من خلالهما إلى النهوض بالنظام العدلي في المملكة بشكل يستجيب ويتوازى مع المسيرة الإصلاحية في شتى المجالات الحضارية.

وقد تزامن يوم نشر الحديث مع إعلان عموم الصحف المحلية عن الحكم القضائي ضد الإعلامية السعودية (روزانا اليامي) الذي يتضمن جلدها بستين جلدة!

وقد توقفت وتوقف غيري الكثير عند هذا الحكم نتيجة لعدد من الأمور:

- روزانا ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بإعداد حلقة المجاهر بالمعصية وعقابها لا يتعلّق بالحلقة.

- وهي مجرد فتاة سعودية طموحة في المجال الإعلامي على الرغم من التضييق على النساء في هذا المجال، لكن يبدو أنها كانت تصر على تطوير نفسها وقدراتها عبر المجال الضيق المتاح لها.

- هل هي غلطتها أن تعمل في قناة غير مصرح لها؟ أين بقية الأطراف؟ وإن غلطت فهل هناك نص دستوري صريح ينص على أن من تعمل في قناة غير مصرح لها رسمياً تُجلد ستين جلدة؟ نعرف أن القضايا الإعلامية هي ترجع في مجملها إلى وزارة الإعلام وهي التي يبت فيها عبر جهاز قضائي مختص بالقضايا الإعلامية.

- أيننا من الأحكام القضائية التقويمية التأهيلية لليافعين مثل (الحكم بخدمة المجتمع لعدد معين من الساعات، العناية بالمسنين، تنظيف المساجد لمدة معلومة، حفظ أجزاء من القرآن الكريم) أو أي من الأحكام التي قرأنا عنها في الصحف، وقضى بها قضاة عميقو الرؤية يعون أن العدالة ليست عقاباً فقط، بل هي أيضاً رد المنحرف أو المخطئ مرة ثانية إلى المجتمع كفرد صالح وفاعل.

- أخشى ما نخشاه أن يكون الجيشان الشعبي والإعلامي ضد قضية (المجاهر بالمعصية) قد انعكس على القضية، وبالتالي حجب العديد من التفاصيل الإنسانية المتعلقة بقضية روزانا كونها فتاة يافعة في مجتمع محافظ.

وزير العدل يتأبط حلماً شاسعاً ويحمل ملفاً يتكوم بالقضايا الشائكة، نرجو أن يكون من بينها (تقنين الشريعة - وترسيخ الجانب التأهيلي والتقويمي في الأحكام لا سيما لليافعين وأصحاب السجلات العدلية النظيفة).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد