«الجزيرة» - الثقافية - خلود العيدان:

طفرة في الكتابة للطفل شهدها الأدب العالمي، ومأزق في الكتابة له أيضاً يعيشها العالم العربي، ربما هو خوف (ليس في موضعه) من مواجهة منافس شرس استحوذ على حواس الطفل وأبهره بالسرعة والصورة والخيال عبر جنون عالم الرسوم المتحركة والألعاب الإلكترونية! إلا أن المتابع لأدب الطفل قد يرجح أن ضعف الترويج له في عالمنا العربي مربط الفرس ومنبع القصور، فعناصر الجذب لا تخفى على أحد، والوسائط تتعدد وتتطور ولا تطلب إلا من يروضها لوجهته. وفي ظل الأخذ والرد في عالم أدب الطفل أثبتت تجربة (نادي الطفل) في مكتبة الملك عبد العزيز العامة نجاحها باستقطاب آلاف الأطفال من (2-15) سنة عبر اشتراك سنوي؛ يمنح الطفل كتابين شهرياً إحداهما قصصي وآخر غير قصصي، أي ما يعادل عشرين كتاباً بالسنة يصاحبها مجموعة من الأنشطة الذهنية واللغوية للطفل، كما تمنح الآباء والأمهات نشرة تناقش قضايا تربوية، ويسعى النادي لإيصال الكتاب المناسب ليد الطفل بعد تقييم دقيق من قبل لجان مختصة في هذا المجال، وتتنوع القصص المقدمة بين كتب من إصدارات المكتبة لمؤلفين عرب شدت على أيديهم وبين قصص ترجمت إلى العربية بعد التقييم والقبول، وقصص احتوتها المكتبة العربية واستحقت أن تصل للطفل بمغلف أنيق باسمه شخصياً عبر البريد مؤمنة بقيمته وموجهة محتواها له ومن أجله.

نادي الطفل مشروع ثقافي غير ربحي وتجربة ناجحة في طريق رئيسي وشريان مهم في عالم أدب الطفل العربي الذي يستحق مزيداً من الجهد في الترويج لأدبه والاهتمام بجذبه وتشجيعه والدخول لعالمه! فالأطفال كما وصفهم الدكتور محمود الضبع في كتابه المميز (أدب الأطفال بين التراث والمعلوماتية): (مفكرون يمتلكون أدوات الفكر الرئيسة، من طرح الأسئلة، إلى البحث عن أجوبة، إلى تحليل المواقف، إلى تكوين أفكار، والأطفال متطورون يعدِّلون من سلوكياتهم تبعا لخبراتهم، ويخزِّنون معارفهم فتتشكل الأسس المفاهيمية والبِنَى الأساسية المكونة للثقافة، والأطفال مبدعون يتعاملون مع الكون من حولهم بخيالاتهم، ويرون الأشياء من داخلها، ويرسمون السيناريوهات لأحداث مستحيلة إلا من وجهة نظرهم المبررة فنيا، والأطفال يمتلكون كثيرا من المواهب والذكاءات المهيأة تماما لأن تنمو أو تموت).