أحرف الحكماء التي نراها منذ أمد وعلى اختلاف العصور وتعاقبها لا تزال تتلألأ لمعانا على شفاه قائليها وكم نهب لأن نقطفها بانتصار وفخر لنترنم بها في ألسنتنا ولنمتلك قوتها منها وثقتنا بأنفسنا كثيرا, ما كانت لتستمر مطربة متنقلة بلا ملل بين أفواه وأخرى ومن مخطوطة إلى موسوعة ومطبوعة إلا لأن في أصحابها سرا إيحائيا جاذبا مداده بصيرة متدبرة وتمهل واع استوطنوا به بطواعية ودية قلوب البسطاء قبل العظماء, حازوا على الولاء حينما أهدوا فكرهم بهدوء في ثنايا مواقفهم الصامدة في حياتهم, تأملوا الغابة الإنسانية فأدركوا بتأثير وجودهم كيف يجعلونها موطنا للسلام والوئام ووعاءً يحتوي ما تعلموه..
ضجيج العالم ليس حول إنسان اليوم فقط بل هو مصاحب له كأنفاسه ولذا يحتاج لأن يعيد تشغيل وضخ عمليات التفكر بين فكرة وأخرى تلتمع له أو لا تروق له في الوهلة الأولى, ليؤكد لذاته أن فضيلة البحث أو التقصي أم التفكر قبل النطق باللسان أو بالقلم لازالت تجري في أوعية دمه مغذية قلبه وعقله ولم تصب بشلل داخلي لم تثبت اكتشافه الفحوص العلمية والطبية المتسارعة في عصرنا هذا.
إن التفكر مطلب ملح يكاد يكون واجبا لتتوسع القدرة الواعية للعقل ومن ثم معرفة ما أمامنا وما خلفنا والأهم ما في جوفنا حقا ليمارس الإنسان منا بكل أريحية هويته الفعلية والنابعة منه في صورة أفضل أيضا من التي كم يأمل من الآخرين أن يؤدوها!
قبل سنوات مضت وجه مباشرة رئيس وزراء روسيا ميخائيل فرادكوف وزراءه بأن يفكروا فيما يقولونه قبل أن تخرج الكلمات من أفواههم! أي؛ (قبل أن تبدأ جملة عليك أن تفكر كيف ستنهيها).
وهنا نقول لا نريد التفكير فقط في ظل اندماج العالم بنا في صورة (العالم هذه اللحظة) بل نريد بأن نحظى بميزان الحياة السوية والمشرفة.. من أجل أن نعطي العالم أجمع دليلا بأننا نتأمل ونتمهل فنحن نعم كما هم نمتلك حدقتين تبصران ويدين تعملان قد يصغر حجمهما أو يكبر لكن المؤكد لدينا أن كلا منهما يسبقها بصيرة.. يسبقها فكر.. وفكر يسبقه تفَََكر عميق في عقل لا يتوقف مع دقات قلب تنبض.
* تَفَكَّرْ:
(لو تأملت دقيقة ستصلك الحقيقة)