السخاء والكرم والندى، مترادفات من مفردات لغتنا البليغة الجميلة وتتدرج معانيها للدلالة على حجم العطية والهدية والهبة والمساعدة إلى آخر هذه المترادفات التي تتناغم هي الأخرى مع المفردات الأولى لتكّون معنى يدل على الإنسان الواهب كرماً وعطاءً وبذلاً سخياً دون منة أو تزلفاً ورياءً.
هذه المعاني الراقية والخصال الحميدة والسجايا العذبة هي من خلق الكرام، وعادات النبلاء، وتوارثها العرب عن أجدادهم وتمسكوا بها وربما كانت عنواناً يستدل به على العربي بين عناوين أخرى جلها محمود، وإن كان قليلاً منها دون ذلك فهذه طبيعة البشر ولن يكمل إنسان, وجميل جداً أن يجد المرء أن عيوبه تعد ويمكن حصرها، وعندها سيجد نفسه يجاهد للتقليل منها والحد من مداها.
والخصال الحميدة والعادات الطيبة إذا تمت ممارستها بمبالغة وفي غير مكانها ومناسبتها، فإن ذلك يعد خللاً وتمادياً مذموماً يرى المجربون وحكماء العرب قديماً وحديثاً أنه من الواجب علاجه.. لو سألني أحد عن مثال لقلت: تبرعات تقدم لأعضاء فريق لكرة القدم في دولة خليجية مقابل إحرازهم بطولة إقليمية، وهذا جيد أن تقدم الهدايا والتشجيع لكن أن تكون احتفالية باذخة على مدى أيام وكأن كرة القدم هي منتهى طموحنا وبهذا الإسراف في البذل فهذا ربما تراه شعوب أخرى تعيش بين ظهرانينا جهلاً ونكراناً للنعم وعدم تقدير للعواقب، قس على ذلك مسابقات شعرية ونثرية وبرامج عبر فضائياتنا العربية تموج بشيء من هذا الهدر العابث، ويمكن تحقيق أهداف ثقافية وأدبية ورياضية وعلمية بصرف عقلاني هادئ ينم عن وعي بأهمية المعطيات والإمكانات المتاحة.