مع إطلالة هذا الصباح الباكر يُدَشِّن معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - عضو شرف الجمعية الفاعل - الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل شعار جمعية (تبيان) الجديد بحلته القشيبة، وأهداف أصحابه المستقبلية الطموحة، يَنْشد فيها مجلس الجمعية في دورته الثالثة، وكذا أعضاؤها ومحبوها البركة في العمل والزمان والمكان والقَصْد؛ إذ البركة أمنية من الأماني المنشودة، وهي قيمةٌ معنويةٌ لا تُرى بالعين المجردة ولا تُقاس بالكم ولا تحويها الخزائن، بل هي شعورٌ إيجابيٌّ يشعر به الإنسان بين جوانحه يثمر عنه صفاء نفسٍ وطمأنينة قلبٍ وانشراح صدرٍ وقناعةٍ ظاهرةٍ ورضا آمن.
|
في البركة الخير والزيادة والنماء، وهي في الوقت: اتساعه وإمكان استغلاله، وفي العمر: طوله وحسن العمل فيه، وفي العلم الإحاطة به والعمل بمقتضاه والدعوة إليه، وهي في المال: وفرته مع الكفاية منه، وفي الطعام: إشباعه ولذَّته، وفي الشراب: إرواؤه، وفي الصحة: تمامها وسلامتها من الأدواء.
|
البركة هي جوامع الخير، وكثرة النعم، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بالبركة في أمور كثيرة.
|
والبركة: خير إلهي في الشيء؛ فإذا حلت في قليل كثرته، وإذا حلت في كثير نفع، والبركة إذا أنزلها الله عزّ وجلّ تعم كل شيء: في المال، والولد، والوقت، والعمل، والإنتاج، والزوجة، والعلم، والدعوة، والعقل، فالقليل يكثر بالبركة والكثير يقل بفقدانها:
|
من تمامِ العيشِ ما قرّتْ به عين |
ذي النعمة أثرى أو أقل |
وقليلٌ أنت مسرور به |
لك خيرٌ من كثيرٍ في دَغَل |
والبركة: يدركها الإنسان في نفسه بالإيمان والطاعة بحرصٍ منه أن يكون من أهل الطاعات والصالحات، ويدركها في العلوم بتنمية العقل والذهن بما ينفعه من العلم والفقه، ويدركها في التعامل مع الناس وخدمة المجتمع والوطن.
|
وفي هذا يقول ابن القيم - رحمه الله - (في رسالة إلى أحد إخوانه): (إن بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل، ونصحه لكل من اجتمع به، قال الله تعالى إخباراً عن المسيح -عليه السلام - {واجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتْ} (مريم: 31): أي معلماً للخير، داعياً إلى الله، مُذكِّراً به، مُرغباً في طاعته، فهذا من بركة الرجل، ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة، ومحقت بركة لقائه والاجتماع به، بل تُمحق بركة من لقيه واجتمع به...)
|
والبركة تطلب من كتاب الله تعالى، فقد وصفه سبحانه بأنه مبارك: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} (ص:29)
|
والبركة تُطلب في المال بزيادته ونمائه من خلال الإنفاق والصدقة ودعم هذه الجمعية وأمثالها، إذ هو مجلبة للرزق والخُلف من الله، كما قال تعالى {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ:39)، وكما قال صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه: (يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع) (رواه مسلم).
|
والبركة تطلب بالشكر والحمد لله على عطائه ونعمه؛ كما قال: {وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (آل عمران:144)، {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم:7). والزيادة هنا زيادة في كل شيء سواء بالمال أو الصحة أو العمر أو العمل.
|
والبركة ينشدها صاحب السُّمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - من خلال رئاسته لأعضاء مجلس شرف الجمعية خدمة لكتاب الله وطلباً للأجر والمثوبة ونيل البركة في العمر والعمل، وبذلاً للجاه في نفع الناس.
|
والبركة ينشدها مدير جامعتنا الحبيبة بعضويته الشرفية المباركة في الجمعية ودعمه المتنوع حسِّياً ومعنوياً، وتوجيهاته السديدة، وتسهيل مهام الجمعية في الجامعة، ودعم أنشطتها العلمية والعملية.
|
فبارك الله في الجميع ولاة أمرٍ ومسؤولين، ومجلس إدارة وأعضاء وعاملين، وجعلنا من أهل كتابه العاملين المخلصين.
|
إبراهيم ن علي الحكمي |
أستاذ القرآن وعلومه المساعد بكلية أصول الدين عضو مجلس الإدارة، وأمين المال |
|