لماذا تعمل المرأة؟ وما دوافعها؟ وهل عملها بهدف تحقيق ذاتها وإشباع حاجتها المعنوية؟ أم للحاجة الفعلية وللكسب المادي الخالص وقضاء المستلزمات الضرورية؟
رغم المناداة بضرورة الوظيفة للمرأة بحجة زيادة المتطلبات الأسرية وتشعبها مع مرور الأيام؛ إلا أن الهدف يختلف من سيدة لأخرى، فبعضهن تسعى للحصول على وظيفة بشق الأنفس وتبحث عن الواسطات والشفاعات لتزاحم على وظيفة ولو كان راتبها ضئيلا، لا يكفي رواتب للسائق والعاملة المنزلية، ولا يغطي تكاليف شراء حقيبة يدوية، بيد أنها تطمح لأن تكون (موظفة) حتى لو أنفقت راتبها على كماليات أو ترفيه أو وجاهة أو إثبات ذات بذهابها صباحا وعودتها ظهرا، تشارك زميلاتها مهرجان الإفطار الصباحي الممتد لساعات، أو تبادلهن الأحاديث الجانبية، أو تنزوي تحت مكتبها لأخذ غفوة قصيرة.
ولا شك أن للمرأة مطالبها، وللأبناء احتياجاتهم، وللمجتمع الأسري المحيط بهم مجاملاته، هذه المطالب والاحتياجات لا يستطيع الرجل توفيرها بمفرده في ظل تدني مستوى الدخل أمام ارتفاع نفقات المعيشة، وهو ما أوجد المبرر لوظيفة المرأة التي هي ليست غالبا للحاجة الماسة وإنما لسد المتطلبات الكمالية المتزايدة. والمقلق ما يترتب على الوظيفة من تعرض المرأة للخطر، مثل تعيينها في مناطق نائية، لتصبح أمام خيارين أحلاهما مر: إما القبول بالعمل والابتعاد عن أسرتها، وإما رفضها على الرغم من حاجتها إليه.
وأيا كانت الدوافع لخروج المرأة للعمل، فإنه يتطلب منها بذل الجهد في عملها، وتحليها بروح المسؤولية والطموح والتطلع لإثبات جدارتها وتوخي الموازنة بين دينها وعملها، بحيث لا يكون خروجها للعمل على حساب دينها، وإدراك مسؤوليتها التربوية، والعمل على تحقيق التوازن بين الحاجة الفعلية للعمل وفروضه، وبين المنزل وواجباته. وعلى الرجل مشاركتها هذه المسؤولية، فدوره التربوي لا يقل أهمية عن دورها، وضرورة تخليه عن النظرة التقليدية تجاهها، وإشعارها بدورها الاجتماعي، وتقديره لمساهمتها معه في تسيير الأسرة.
وعلى جانب آخر على المرأة تحمّل ضريبة الوظيفة والخسائر بكاملها، وما يترتب على خروجها من خسائر، فليس العمل مكسبا دائماً إلا من جانب مادي، أو اكتساب ثقافة جديدة قد لا تكون إيجابية غالبا، وليست سلبية على الإطلاق، حيث يتوقف على مدى استجابتها للتغيير الإيجابي الذي قد يصقل شخصيتها ويجدد فكرها.
ولا ريب أن وظيفة المرأة تكون على حساب أسرتها، ولا يغرها تسامح زوجها ربما لطمعه في مرتبها، وإن لم يأخذ منه شيئا، فهو يوفر راتبه ولا ينفقه، ويستثمرها لمصلحته، ويستفيد منها أضعاف ما تستفيده منه، بينما هي تتحمل مصاريفها ومستلزمات أطفالها، فتستهلكها الوظيفة وتخسر جزءا من صحتها النفسية والجسدية.
وقد أوضحت الإحصاءات الصحية والاجتماعية أن الأمراض والحوادث التي تعتري الموظفة أضعاف ما تصاب به ربة البيت، لتعرضها لحوادث الطرق أثناء انتقالها من المنزل لمقر العمل، ومعاناة الازدحام المروري المثير للأعصاب، ومقابلة أصناف الناس.
ولا يمكن تجاهل مشاعرها وهي تترك أولادها في المنزل برعاية الخادمة، فلذلك أثر نفسي على الأم والأطفال تشترك في ذلك المحتاجة فعلا والموظفة لأجل تحقيق الذات فحسب! ولعل إقرار إجازة رعاية المولود قد جعلت الموظفة تتنفس الصعداء، وهي بحق إنصاف للأم والطفل على حد سواء.
rogaia143@hotmail.Com
www.rogaia.net