Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/10/2009 G Issue 13534
الأحد 29 شوال 1430   العدد  13534
أضواء
ميزان العدل لا زال مائلاً
جاسر الجاسر

 

ما حصل في إقليم دارفور السوداني، نوع من أنواع الحرب الأهلية التي تحفل بها القارة الإفريقية، والتي كثيراً ما تتدخل بها الحكومات؛ إما لمساعدة طرف ضد آخر، أو يفرض عليها واجبها في تثبيت الأمن والحفاظ على سيادة الدولة وحماية أراضيها أن تتدخل عسكرياً لإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وكثيراً ما تضطر الحكومات إلى (قمع) جهة ما أو طرف متورط في القتال لعدم استجابته أو تعاونه مع مساعي الحكومة في إنهاء النزاع، أو -وهذا هو الأخطر- أن يكون ذلك الطرف على ارتباط بدولة أجنبية، وأن ينفذ أجندة دولة معادية.

وهذا بالضبط ما حصل في دارفور؛ حيث سجلت ملاحظات على الحكومة السودانية واتهمت بمساندتها طرف سوداني ضد أطراف أخرى سودانية ذات ارتباطات أجنبية، طبعاً وتطابقاً مع توجهات النظام العالمي الجديد الذي أراد فرضه المحافظون الجدد في عهد بوش، قدمت الجمهورية السودانية ورئيسها وحكومتها إلى (العدل الدولي) الذي أخذ يطبق، أو - هكذا أريد له- أن يطبق من قبل المحافظين الجدد بمكيالين، وحسب المكيال المائل وجهت تهمة ارتكاب جرائم حرب للحكومة السودانية، وطُلب الرئيس السوداني عمر البشير للمثول أمام محكمة الجنايات الدولية.

الآن صورة مماثلة، بل أكثر بشاعة ووضوحاً، فقد أرسل مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة بعثة تقصي حقائق إلى قطاع غزة للتحقيق فيما حصل في القطاع أثناء الحرب العدوانية الإسرائيلية على القطاع، وتوجهت بعثة قانونية برئاسة القاضي الجنوب إفريقي جولدستون وهو بالمناسبة قاض أبيض لا ينكر أنه يقدر إسرائيل..!! ومع هذا لم يستطع هذا القاضي أن يغطي على جرائم إسرائيل في ذلك العدوان، فقدم تقريرا يؤكد ارتكاب القوات الإسرائيلية جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي في قطاع غزة وضد المدنيين الفلسطينيين.

هذا التقرير الذي اتخذ مجلس حقوق الإنسان الأممي قراراً بتحويله إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن للنظر في إمكانية إحالته إلى محكمة الجزاء الدولية لو كان قد صدر ضد دولة أو كيان غير إسرائيل لأصبح رئيس حكومتها مطارداً ومطلوباً القبض عليه لمواجهة تهم ارتكاب جرائم حرب ضد البشرية أمام محكمة الجزاء الدولية، ولكن إسرائيل غير السودان وغير باقي الدول؛ فقد أعلنت أمريكا استعدادها لحمايتها من محاسبة المجتمع الدولي على جرائمها دون أي حياء أو خجل، وهي الدولة التي كانت الأكثر حماساً في القبض على الرئيس السوداني..!!



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد