هذا الشعور بالضيق الذي يقض مضجعك ويقلب راحتك رأساً على عقب، إنما يكبر في نفسك؛ لأن الأمور لم تسر كما كنت تتوقعها أو تتمناها، ونتائج ما حرثته أو تعبت لأجله لم تكن على قدر ما كنت تأمله، وهذه بالمناسبة ليست مشكلتك وحدك بل مشكلتنا كلنا؛ فنحن في الغالب نحرص على تمام العمل ونضع توقعاتنا لسير الأمور ونتائجها وفق ما قدمناه..
... من فكر وجهد، ونبرمج أذهاننا على حتمية هذه التوقعات، حتى إذا سارت الأمور بشكل مخالف وجاءت النتائج على غير ما توقعناه لها، ملأ الضيق نفوسنا وربما أصابنا الإحباط من جراء ذلك، وقد تتوقف حركتنا أو تنحرف عن مسارها الذي رسمناه، أو قد تختل فينا بعض قيمنا ومُثلنا التي نؤمن بها.
المنطق يقول إنه لا يمكن أن يعيش الإنسان باستمرار حركته بعيداً عن الضيق والقلق؛ فهما سيلازمانه حتى تسكت حركته في هذه الدنيا؛ لأن النفس مجبولة على أن تحلم وتتمنى، وتضع تصوراتها لنتائج ما تحدثه من حركة، ولا يكون الإنسان إنساناً إن توقفت أحلامه التي ترتكز على توقعاته، لكن للأمور وسيرها قانوناً آخر ومنطقاً لا نعرفه تصنع نتائجها على أساسه، يوافق أحياناً منطقنا وتوقعاتنا ويخالفهما كثيراً؛ فلا تأتي الأمور في الغالب وفق ما توقعناه، فلا نجد، وقد خرجت الأمور من تحت سيطرتنا، إلا الشعور بالضيق والقلق كردة فعل طبيعية.
أنا أرى - ولك ألا تقبل ذلك - أنه لا بأس بأن نشعر بالضيق أحياناً، في سبيل ألا تتوقف أحلامنا وتوقعاتنا؛ لأنها تبقي الإنسان فينا، وهو الأهم.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com