دخل التعليم في بلادنا منعطفاً نوعياً عندما أصدر مركز القياس والتقويم الوطني قبل أيام نشرة تضمنت ترتيب مدارسنا الثانوية بحسب مستوى ما حققه طلاب كل مدرسة من مهارات تحصيلية وعقلية خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك طبقا لنتائج اختبارات وطنية عالية الموثوقية. لقد كنت مندهشاً ومذهولاً وأنا ألاحظ أن مدارس مغمورة ومتواضعة الإمكانات تسبق في ترتيبها مدارس معروفة وذات إمكانات مادية كبيرة ومهولة. أنا هنا لا أقلل من أثر الإمكانات المادية على تطوير وتحسين أداء المدرسة، ولكنني أقول وبكل ثقة إن الإمكانات المادية للمدرسة لا قيمة لها على الإطلاق متى ما كانت قيادة المدرسة عاجزة عن تحديد وصياغة رؤية تربوية ذكية معاصرة تصور المستقبل المستهدف للمدرسة، وعاجزة عن تحويل تلك الرؤية المستقبلية إلى استراتيجية وبرامج عمل تقود المدرسة نحو تحقيق أهدافها. الإمكانات المادية تصبح عديمة الفائدة للمدرسة متى ما غاب عنها الفكر التربوي والقيادة الفعّالة التي تعيد بناء وتشكيل المدرسة لتواكب مستجدات وتحديات الألفية الجديدة. لقد علمتنا التجارب أن أفضل الحلول تظهر غالباً في أوقات الشح، وأن الثراء يصاحبه أحياناً تراخ وغفلة وغياب للمساءلة. إنني أتساءل بحرقة: هل إنجازنا التعليمي اليوم يتوافق مع إمكاناتنا المادية الجيدة؟ ألا يمكن أن يجتمع لمدارسنا (المال) و(الفكر التربوي المتجدد) الذي يخرجها من عالمها المتقوقع المتكلس؟