Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/10/2009 G Issue 13527
الأحد 22 شوال 1430   العدد  13527
هذرلوجيا
الشعر الأراكوزي
سليمان الفليح

 

والأراجوز أو (الكراكوز) هو المهرّج الذي يغتصب الضحكة من أقصى (لغاصم) الجمهور لا من شفتيه، ويجعله يصفق بأطرافه الأربعة لهذا الإضحاك المضحك، في الوقت الذي لا يعرف لأي سبب صفق أو ضحك، بالرغم من أن ذلك (الكراكوز) لا يقدِّم (مبعثاً) حقيقياً للضحك إلا بحركاته البهلوانية المفتعلة وأصباغه السخيفة السمجة وبنطاله الفضفاض دوماً وحذائه الذي لا يشبه سوى قدم (البطة)، ناهيك عن حركاته أو (حرتقاته) المذهلة حول الحبال وفوقها أيضا والقفز بين الدوائر المعدنية.

***

هذا الأراكوز (التافه - والمسخ) هو مشهد شعرنا الشعبي الآن، الذي أضاف إليه (الهياط) و(العياط) والصراخ الافتعالي الأهوج والانحدار بشخصية الشاعر الحقيقي إلى الحضيض من خلال تقليده القصدي - عمداً - لدور الكراكوز، وإلا أصبح مطروداً من مسابقات الملايين التي لا تقرّ إلا هذه الصفة المقيتة (لكي يصبح الشاعر شاعراً) بمقدوره المنافسة والصعود إلى الأدوار العليا حسبما تُريد جهات لا علاقة لها بالشعر سوى إزجاء المديح والضحك على حركات الشاعر البهلوان؛ لذلك (يكثر الطلب) على هذا النموذج الرديء من المستشعرين؛ ما (كرّس) هذا النمط في أذهان البسطاء بأنه (الصنف) الوحيد للإبداع والإمتاع، مع أننا نعرف من خلال وجودنا الطويل في الوسط الشعري أن هذا النموذج ما هو إلا فقاعة سريعة التفجر والتلاشي، ولا يبقى إلا الشعر الحقيقي العميق الذي يحفر عميقاً في الذات.

***

أخيراً يبقى السؤال: مَنْ المسؤول عن ذلك؟! الشاعر أم جهات السباق أم الجمهور؟! فإذا كان الأخير فيا للفجيعة والخيبة أيضاً.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد