كم هو مؤلم أن تعيش قضية المسلمين الكبرى(قضية بيت المقدس) خارج دائرة ثقافة كثير من أبناء المسلمين وبناتهم. شعور بالألم من جانب، وبالتقصير من جانب آخر تملكني بعد جلسة مع أطفال (من أولاد الأسر المسلمة في الرياض تتراوح أعمارهم بين السابعة والثالثة عشرة، دار فيها بيني وبينهم حوار على مستوى عقولهم الغضة، ونفوسهم البريئة، فوجدتهم بالرياضة وفنونها, ولاعبيها وأنديتها وتواريخ مبارياتها أعلم منهم بالمساجد الكبرى في المملكة، فكيف بالمسجد الأقصى الذي يتعرض لاعتداءات اليهود الغاصبين صباح مساء.
|
أمَّا معرفتهم بالألعاب الالكترونية ودقائقها وأسرارها وأنواعها، وما صدر منها، وما هو في طريقه إلى الصدور فشيء عجيب.
|
نعم، شعرت بالألم والتقصير لأننا ما زلنا إلى الآن خارج دائرة التأثير في أبنائنا وبناتنا الذين هم في بيوتنا وتحت ولايتنا، فكيف يكون لنا أثر في المجتمع والوطن والأمة والدوائر الدولية؟!
|
سألت تلك الزهور المتألقة من الأولاد في ذلك اللقاء عن المسجد الأقصى بعد أن عرضت علينا شاشة التلفاز في الأخبار صورة دامية من حصار المستوطنين والجيش الصهيوني له.
|
سألتهم فكانت الإجابات المضطربة التي دلت على تقصير البيوت في بناء ثقافة عامة إيجابية في عقول تلك الزهور النضرة من أولادنا وكان بعض الآباء يشهد هذا الموقف فسألني قائلاً: ماذا نصنع؟
|
هذا جيل الإلكترونيات، لا مجال للسيطرة عليه، قلت له: هذه روح تربوية انهزامية، تدل على إهمال خطير، وانكسار لا يبشر بخير، إن معرفة أجيالنا الجديدة بما هيأ الله لنا من وسائل وصول المعلومة إليهم بيسر وسهولة تعد فرصة كبيرة لنا لتوجيههم إلى الثقافة الأصيلة التي تبني شخصياتهم بناء حضارياً يجعلهم قادرين على مخاطبة العالم بلغة العلم والعمل والالتزام الواعي، والاعتزاز بالعقيدة والقيم، دون إفراط ولا تفريط.
|
إن إجادة أولادنا لهذه الوسائل الحديثة ليسعدنا، ولكن الخلل الذي حدث بسبب تقصيرنا هو الذي يزعجنا، ويحملنا المسؤولية كاملة أمام الله عز وجل الذي أمرنا أن نقي أنفسنا وأهلينا ناراً وقودها الناس والحجارة.
|
قلت لتلك البراعم المتفتحة: إن المسجد الأقصى هو المسجد الثالث المبارك بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي في المدينة المنورة، وهو القبلة الأولى التي كان يتجه إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاته قبل الهجرة، وبعد الهجرة حتى أمره الله سبحانه وتعالى بالتوجه إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وشرحت لهم قصة الإسراء والمعراج باختصار يناسب مستوى فهمهم، فكان اهتمامهم كبيراً جداً، وشرحت لهم لماذا احتل اليهود فلسطين، ولماذا يريدون هدم المسجد الأقصى، وربطت في حديثي معهم بين المسجد الحرام الذي بني قبل المسجد الأقصى بأربعين عاما، وكيف كان إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - يبنيان الكعبة المشرفة بأمر من الله، ثم كيف بنى يعقوب المسجد الأقصى بعد ذلك بأربعين سنة، وهنالك رواية تقول: إن آدم عليه السلام هو الذي بنى المسجدين أولاً بعد هبوطه إلى الأرض، فهو الذي وضع قواعد البيت الحرام، ثم وضع قواعد المسجد الأقصى بعد ذلك بأربعين عاما، ثم أعاد إبراهيم بعد ذلك بقرون طويلة بناء المسجدين عام 2000 قبل الميلاد، ثم جدد سليمان البناء عام 1000 قبل الميلاد.
|
قلت لهم: هذا هو الأقصى يا أحبابنا الصغار؛ وقد رسخت تلك المعلومات في أذهانهم كما تبين لي حينما التقيت ببعضهم فيما بعد قال لي والد أحدهم: نحن الكبار بحاجة ماسة إلى معرفة تاريخ وحقيقة المسجد الأقصى، قبل أن يعرفها الصغار.
|
|
هذا هو الأقصى يلوك جراحه |
والمسلمون جموعهم آحاد |
|