د. حسن الشقطي *
أنهت سوق الأسهم المحلية الأسبوع الأول بعد عيد الفطر المبارك على صعود قوي ربحت خلاله 374 نقطة أو ما يعادل 6.3% في ضوء تحسن معدلات السيولة المتداولة بشكل كبير لتناهز مستوى خمسة مليارات ريال طيلة أيام التداول، وهي المرة الأولى منذ 50 يوماً ماضية. وقد تحسنت نفسيات المتداولين كثيراً منذ بداية حركة التداول يوم السبت الماضي نتيجة الكثير من العوامل، أبرزها استقرار أوضاع الاقتصاد العالمي في ضوء المعلومات الإيجابية التي تم الإعلان عنها حول الاقتصادين الأمريكي والبريطاني، فضلاً عن الاستقرار النسبي للأسعار العالمية للنفط. والأهم من هذا وذاك حالة الركود الكبير الذي عانت منه السيولة المتداولة خلال الأشهر الثلاثة الماضية نتيجة شهري إجازة الصيف وشهر رمضان، وما هو أهم من كل ذلك، هو حالة التفاؤل بنتائج أعمال الشركات للربع الثالث المتوقع أن تبدأ إعلاناته خلال الأيام القليلة المقبلة. وقد أدى كل ذلك إلى تكوين موجة صاعدة أدت إلى ارتفاع الأسعار السوقية للكثير من الأسهم، وعلى رأسها أسهم المصارف، إلا أن هذه الموجة لم تصب عدداً من الأسهم وعلى رأسها بعض المضاربيات الشهيرة، مثل ثمار وتهامة. إن التساؤل الذي يطرح نفسه: هل تستطيع هذه الموجة الصمود وكسر حاجز الخوف لدى المتداولين في الاستمرار، ولو لبضعة أشهر قليلة ؟ وهل تمثل نهاية المسار الهابط المستمر منذ أكثر من 1300 يوم تقريباً؟
طفرة موسمية للمؤشر
تحسن مستوى السيولة المتداولة بشكل أساسي منذ بداية هذا الأسبوع ليسجل استقراراً ملموساً خلال أيام التداول الخمسة عند مستوى 5 مليارات ريال. ويعتبر هذا التحسن متوقعاً، وخصوصاً أن هذا الأسبوع هو الأسبوع الأول الذي تتنفس فيه السيولة المتداولة بعد اختناق دام أكثر من ثلاثة أشهر ماضية.
موجة صاعدة بعدة محفزات
اعتدنا أن تحدث موجة صاعدة قبل الإعلان عن نتائج أعمال ربعية للشركات، وأحياناً تكون هذه الموجة بمثابة موجة مضاربية فقط إذا كانت النتائج المتوقعة للشركات غير جيدة، في حين تكون هذه الموجة مضاربية - استثمارية إذا كانت التوقعات حول نتائج أعمال الشركات إيجابية. والموجة المضاربية - الاستثمارية هي موجة متوسطة المدى يفترض أن تقود إلى شراء استثماري حقيقي ويفترض أن تستمر فترة زمنية متوسطة ما بين شهر إلى 3 أشهر. أما الموجات المضاربية فغالباً لا تستمر طويلاً بل تنكسر بعد إعلان نتائج أعمال الشركات القيادية الكبرى وعلى رأسها سابك. ونأتي لموجتنا الحالية فهي تصنف على أنها موجة مضاربية - استثمارية على أساس وجود توقعات إيجابية حول نتائج أعمال الشركات، وبخاصة لقطاع البتروكيماويات؛ لذلك فإنه تحت افتراض عدم حدوث أي مستجدات سلبية هذا الشهر، يتوقع أن تستمر هذه الموجة الصاعدة، إلا أن حدة الصعود يتوقع أن تنقلب إلى مسار أفقي بعد الانتهاء من إعلان نتائج الشركات القيادية مع منتصف هذا الشهر، ويعتبر هذا السيناريو أفضل احتمالات السوق. أما الصعود القوي والمتعجل فقد يؤدي إلى جني أرباح عنيف، وربما يتحول إلى هبوط عنيف.
أسهم لم تواكب الصعود
على الرغم من أن هناك أكثر من 117 شركة خرجت رابحة في موجة الصعود الحالية إلا أنه يوجد نحو 17 سهماً لم تواكب هذا الصعود كما ينبغي؛ فهي إما خرجت خاسرة وإما ربحت نسبة تقل عن 1% وعلى رأس الأسهم الخاسرة الكهرباء وبترورابغ وسدافكو والكيمائية، على الرغم من أنها محسوبة كأسهم استثمارية.
السعر العالمي للنفط يسجل 67 دولاراً خلال الربع الثالث
ويزيد التفاؤل حول سابك
أحرز السعر العالمي للنفط متوسطاً سعرياً يعادل 67 دولاراً للبرميل خلال الربع الثالث (يوليو - سبتمبر) وهو مستوى يفوق متوسطه خلال الربع الثاني، والذي لم يتجاوز 57 دولاراً؛ وعليه فإن كلة التوقعات تشير إلى وجود حالة تفاؤل بتحسن نتائج قطاع البتروكيماويات خلال الربع الثالث الحالي.. وقد تمثل هذا التفاؤل بوجود تركز للقوة الشرائية على أسهم القطاع وعلى رأسها سابك، والتي بدأت خلال أسبوع ما قبل العيد.
أسهم المصارف تستنزف
صعودها بسرعة
ربح سهم سامبا هذا الأسبوع 28.5% في حين ربح سهم الرياض 23.8% تلاه سهم ساب بربحية 13.7% ثم العربي بنسبة 11% ثم البلاد بنسبة 10.4% وعموماً خرجت كل البنوك رابحة. وعلى النقيض ربحت أسهم البتروكيماويات نسباً أقل، وعلى رأسها سابك التي لم تتجاوز ربحيتها نسبة 1.9% ولعل ذلك يرتبط بأنه غالباً ما تعلن نتائج البنوك قبل نتائج البتروكيماويات؛ وبالتالي فإن بعض هذه البنوك تكون قد استنفذت صعودها تماماً، وهي مؤهلة لجني أرباح قريباً.
تكرار أخطاء الماضي.. وانتظار مستويات غير منطقية للمؤشر
هذه ليست الموجة الصاعدة الأولى خلال عام 2009 فقد تلاها أكثر من ثلاث موجات سابقة، وللأسف أنه في كل موجة صاعدة تجد كثيراً من المتداولين لا يفكرون سوى في الشراء متمسكين بأسهم قديمة ينتظرون بيعها على الأقل برأسمالها، ولكن من أين سيأتي رأس مالها والكثير منها قد خسر أكثر من ثلثي سعره السوقي؟! بمعنى أنهم ينتظرون صعود المؤشر إلى 7000 و8000 نقطة، وللأسف أنهم يجدون من يؤيدهم على ذلك، وما إن تمر فترة وجيزة حتى يفقدوا موجة الصعود، وفي النهاية تزداد تعليقاتهم وتصبح أكثر صعوبة.. ومن المفترض أن يسعى المتداولون في كل موجة صاعدة لاستغلالها لتعديل أوضاع أسهمهم العالقة والتعديل عنها، فربما يتمكنون من جني أرباح عدة موجات صاعدة قصيرة يعوضون بها جزءاً من خسائرهم في أسهمهم القديمة. إن الأمر يتطلب قرارات جريئة للتخلي عن أسهم غير متوقع عودتها إلى مستويات ماضية.
* محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com