عندنا سعوديون مبدعون في مجال الإدارة والقيادة، وعندنا سعوديون من أفضل واضعي الخطط الاستراتيجية الإدارية في كل المجالات الإدارية المختلفة، ولدينا تجارب إدارية سعودية شابة مدهشة على صعيد صناعة الفن الإداري والقيادي، ويوجد ...
... لدينا مبدعون إداريون سعوديون هنا وهناك، لهم جهود كبيرة وطاقات مذهلة وهمم جبارة ونشاطات عظيمة وتحركات إبداعية غاية في الدقة والمهنية والحرفية وروعة في الوطنية والانتماء وتقديس العمل والتفاعل مع المستجدات وفي استقراء الواقع، لهم سرور وإبداع وعلم وحكمة ومنطق وفَهم وملامح من ذهب، لهم سحنات وقسمات فيها من الحُسن والجمال الشيء الكثير، ليس لهم وجع ولا قبح ولا نكد ولا متاهات ولا غموض ولا رطانة ولا تهاويل ولا تقديس أعمى للذات، لا يأخذهم الدوار نحو العتمة ويتبيّنون بوضوح مطلع الشمس وولادة القمر ويعرفون بتفوق وتميز كيف يحتضنون المنشأة بحنو لتثمر رطبا حلوا جنيا.. نجحوا هنا ونجحوا هناك، وصفق لهم الجميع. لكن في المقابل هناك قيادات إدارية سعودية تعاني فقرا خطيرا في ميدان الإدارة، ولديها قصور ثقافي إداري وعجز ذهني وشلل تفكيري رهيب واضح وبائن وفوضى مفاهيم وازدواجية معايير ودهشة فعل وعجائب قرارات، ويملكون غياب التخطيط العلمي الصحيح المبني على خلفية علمية ونظرية سليمة؛ حتى أصبحوا مرهونين لأفكارهم السقيمة وطيشهم الصبياني ونظرتهم الدونية، وحتى أصبحت المنشأة التي يتربعون على عرشها تنحدر نحو الهاوية بشكل سريع يشبه انحدار جلمود الصخر من علوّ؛ نتيجة التخبط في وضع الخطط والاستراتيجيات والترهل الإداري لدرجة لم تعد هذه المنشأة قادرة على منافسة المنشآت الأخرى ذات التخصص نفسه؛ لأن كيفية الاختيار ومن ثم التعيين لم تكن مبنية على أسس اختيارية صحيحة، وليست بالقدر الكافي من النضوج العقلي والفكري والاتزان الحركي المميز الذي يؤهلها لتبوؤ هذا المركز الحساس والمهم والخطير. إن اليورانيوم مركب كيميائي خطير، له القدرة على البقاء في البيئة محتفظا بفعاليته لمدة طويلة، ويؤدي استنشاقه إلى أنواع مختلفة من الأمراض كسرطان الدم والرئة والجلد والعظام وغيرها، وكذلك الحال في بعض قيادات تلك المنشآت؛ فهناك تلوث إداري خطير قد يصيب تلك المنشأة في مقتل أو يتركها بإعاقة شنيعة تدمي النفس ويحزن لها القلب. إن الإدارة ليست ترفا ولا هامشا ولا استعراضا، بل هي الأساس القوي التي يُبنى عليه نجاح الشركة لخدمة مصالحها الذاتية ووطنها وأبناء وطنها دون تحيز ودون تميز وبلا محسوبية أو قرارات بهلوانية تشبه فقاعات الصابون. إن سرطان الأطراف البشع إذا لم تنفعه كل الأدوية الكيميائية المتاحة فلا بد من البتر وإنْ أوجع وأدمى؛ حفاظا على بقيه الجسد من الموت البطيء. إن حقيقة التلوث الإداري الحاصل في بعض المنشآت المهمة ما هو إلا نتيجة العمل البائس الذي يديره هؤلاء (البلاستيكيون) الذين امتد (قصورهم العقلي والذهني) إلى أبعاد طويلة. إنني في هذا المقام لا أؤلف خطابا مسرحيا له آليات سرد محذلق أو خيال، لكنني أردت دق الأجراس بقوة والتنبيه بشجاعة وتجرد وبلا أنانية إلى سلوكيات إدارية معوجة (تعشش) منذ القدم في بعض القطاعات الكبيرة الخاصة، تنظر إلى مصالحها الشخصية البحتة فقط دون مصالح المنشأة العليا الوطنية والعامة، ودون أن يكلفوا أنفسهم استقراء الواقع المحلي والعالمي والأخذ بالنظريات الإدارية والاقتصادية الجديدة. إن منشآت يقودها (عثث) و(يتامى إدارة) معرضة بالتأكيد وبقوة لكساد تجاري عظيم وسقوط هاو مثل سقوط حائط (برلين) الشهير؛ لذا على جميع المعنيين أن يعوا ذلك ويدركوه، وإلا فدعونا من الآن نهيئ أنفسنا على ترديد أدعية الرحمة والصلاة على الميت الجديد.
ramadan.alanazi@aliaf.com