Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/09/2009 G Issue 13510
الخميس 05 شوال 1430   العدد  13510
اليوم الوطني يوم الوفاء
الدكتور عبدالله السبيعي

 

الوطن كلمة أثيرة عند كل إنسان، وهي كلمة محببة إلى القلوب، وتتوق إليها النفوس، وتنجذب إليها الأرواح خصوصاً عندما يسافر المرء ويغترب عن وطنه، إذ يشعر بحنين جارف نحو (الوطن) يتدفق في أعماقه، ويسري حب الوطن في عروق الإنسان سواء أكان لديه وعي بذلك أم لا!! والحقيقة أن حب الوطن من الإسلام، فالوطن هو المكان الذي يشعر فيه الإنسان بالانتماء، وصورة الوطن في مخيلة المرء أيّاً كانت ألوانها، وظلالها، وخلفيَّاتُها، تشكِّل في النهاية موقفاً وجدانياً من الوطن لا خلاف حوله، وهو أن الوطن مدار حب وحنين الإنسان، ويبقى الوطن محتفظاً بقيمته ومكانته في نفوس أبنائه مهما كانت آراؤهم؛ وذلك لأن حب الوطن متغلغل في أعماق النفس البشرية ولا ينفك عنها فهي جزء من مكونات جسده لا يمكنها أن تنفصل عنه أبداً.

ولا ريب في أنّ الوطن مصلحة وضرورة لكل أبنائه، فالإنسان مدنيٌّ بطبعه، والوطن هو المكان الذي تنشأ في ظلاله المدنية وتقوى، ويشعر فيه الإنسان بوجوده ومكانته، ويتفتح وعيه ومدركاته، وتتشكل مفاهيمه عن الكون والحياة، ويسعد ويبتهج، وفي مراتعه وربوعه تتكون صداقاته وعلاقاته الاجتماعية، ومن الطبيعي أن الوطن الذي يحقق تفوقاً حضارياً يمنح أبناءه مكانة لا تتحقق لسواهم ممن يعيشون في بلد يغطّ في غياهب الجهل والتخلف والانطفاء الفكري والحضاري.

إن شعور الانتماء الوطني يعد من أهم المشاعر والروابط الفطرية، وهو شعور ينمو ويُكتَسب ليشد الإنسان إلى وطنه الذي يعيش فيه وقد أصبح يوم 23 سبتمبر من كل عام يوماً مشهوداً في حياة كل سعودي؛ حيث تحل في هذا التاريخ ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، ففي يوم 23 سبتمبر 1932م الموافق 1351ه أُعلِن عن توحيد المملكة العربية السعودية تحت قيادة المغفور له بإذن الله تعالى جلالة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله وقد بذل هذا الرجل الشجاع كل غالٍ ونفيس في سبيل دينه ثم وطنه؛ فاستحق أن يسجله التاريخ بأحرف من نور بين أعظم القادة وأشجع وأنبل الرجال رحمه الله رحمة واسعة جزاء ما قدم لدينه ووطنه وأمته.

ومنذ تلك اللحظة التاريخية الخالدة أصبح الشعور بالوحدة الوطنية لجميع سكان المملكة العربية السعودية في جميع المناطق شعوراً سائداً يعتز به كل مواطن فوق تراب هذا الوطن، والشعور الوطني أمر فطري في جبلة كل إنسان؛ حيث يرتبط المرء فطرياً بالوطن الذي ولد فيه ونشأ وترعرع فوق أرضه، ومن الجائز أن يظل هذا الشعور كامناً في أغوار النفس لكنه يظهر بقوة عجيبة في المناسبات الوطنية، أو عندما يواجه الوطن التحديات والمخاطر التي تهدد كيانه، أو تشكل خطراً على أمنه واستقراره ووحدته الوطنية.

ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى أن أبرز مقومات الشخصية السعودية هو الدين الإسلامي ورفع راية التوحيد، وهذه الركيزة تعد أهم صفة يتميز بها سكان المملكة العربية السعودية، وبالتالي فمن الطبيعي جداً أن نرى انعكاس ذلك واضحاً في مشاعر الانتماء الوطني، وحب الوطن، والإخلاص له، والعمل لما فيه مصلحته دائماً؛ لأنه الوطن الذي يرفع راية التوحيد... وهذه السمة ينبغي أن تكون واضحة تمام الوضوح لكل من يهتم بدراسة المجتمع السعودي وفهم خصائصه الاجتماعية العميقة المتجذرة في أعماق أبنائه.

ماذا تعني الوحدة الوطنية؟ إنها تعني تماسك المواطنين مع القيادة في السلم والحرب وفي اليسر والعسر وفي الشدة والرخاء وفي المغنم والمغرم.

إن المملكة العربية السعودية بحكم ثقلها الديني والاقتصادي، وبحكم موقعها الجغرافي تشكل رقماً صعباً على الساحة الدولية لا يمكن أبداً تجاوزه، أو تجاهل دوره المحوري في السياسة الدولية بأي حالٍ من الأحوال.

وبسبب ما يلمسه كل مواطن سعودي من تفاني مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز المليك والوالد - أيده الله تعالى - وتفاني حكومته الرشيدة في خدمة هذا الوطن الغالي وهذا الشعب الكريم، نرى أن جميع المواطنين في جميع أنحاء الوطن الغالي يعتزون بوطنيتهم أيما اعتزاز، ويتفانون في خدمته والدفاع عنه، وبذل الغالي والرخيص في سبيله، ولا أدل على ذلك من تلاحم المواطنين من جميع مناطق المملكة مع ولاة الأمر - حفظهم الله - والتفافهم منقطع النظير حول القيادة الحكيمة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أيده الله وحكومته الرشيدة، إننا ونحن نحتفل بذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يجب أن نؤكد أنه من الضروري للغاية تفعيل هذه المناسبة لغرس المعاني الفاضلة للوطن والمواطنة في وجدان المواطنين جميعاً ولا سيما النشء الصغير الغض؛ ليشب ويترعرع وقد امتلأ حباً لهذا الوطن العزيز الغالي، فلا يقدم أبداً على أي قول أو عمل يضره أو يسيء إليه، بل يضحي في سبيل نصرته وإعلاء رايته بالغالي والنفيس خصوصاً عندما يترسخ في أعماقه أن حب الوطن من الإيمان.

إن اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية هو يوم التوحيد والبناء، يوم الوحدة والإخاء، يوم الخير والعطاء، يوم البر والوفاء، وما أجملنا ونحن نحتفل بهذه الذكرى المباركة أن نتمسك بالمنهج الذي رسمه مؤسس الدولة السعودية الحديثة المغفور له بأمر الله الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - في السياسات الداخلية والخارجية المبنية على كتاب الله وسنة رسوله، وأن ندعو الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجزيه عنا خير الجزاء.. فبسبب جهوده المباركة بعد فضل الله تبارك وتعالى ننعم بما ننعم به من عز ورخاء وخير ونماء...كما لا يفوتنا أن نتذكر بكل حب ووفاء كل الملوك الذين تعاقبوا من بعده، وندعو لهم جميعاً بالرحمة والمغفرة.. وهكذا يكون الوفاء في يوم الوفاء.

عميد كلية المجتمع بمحافظة شقراء وعضو مجلس جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد