يحتفل وطني بذكراه التاسعة والسبعون لتوحيده وانضمام أطرافه المتباعدة تحت مظلة وسقف سماء عريضة تلفنا بغطاء أخضر مزيّن بالشهادتين، تزدان الشوارع والميادين العامة في وطني الحبيب بأعلام خضراء وصور لأسد الجزيرة (الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه) الرجل الذي أرسى قواعد هذه الدولة العظيمة، حيث لم يكن رجلاً عاديا من قام بهذا التوحيد الجبّار، لم يكن رجلا ًعاديا من صافح القبائل بيمينه في قيض الصيف وتحت لهيبها ليأخذ منهم الطاعة والولاء والسمع.
لا شك أن اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يوم وحد المغفور له هذه البلاد تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله يعتبر مناسبة ويوما خالدا في تاريخ المملكة العربية السعودية تذكرنا بتكوين هذا الكيان العظيم، فقد أعلن جلالة الملك المؤسس قيام المملكة العربية السعودية، واضعاً بذلك أسس هذا الكيان الكبير على قواعد الشريعة الإسلامية الغراء، لتحقيق الأمن والنماء في ربوع المملكة، فسطر بذلك أروع ملحمة وطنية للتوحيد.
لقد ترك - رحمه الله - بعد وفاته دولة قوية وأرسى قواعد الحكم فيها مطمئن البال إلى أن هذه البلاد منتقلة بعده إلى أيد أمينة وأعين ساهرة نهجوا النهج القويم الذي رسمه وسار عليه وحملوا الأمانة ورفعوا لواءها عالياً.
واليوم ونحن نحتفل بهذه المناسبة ونتذكرها فإننا نجدد العمل والتواصل لإكمال المسيرة واستمرار البناء والتطور كما نجدد البيعة والولاء والطاعة لهذه البلاد وقادتها، ونحمد الله أن بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز مستمرة في التطوير والعطاء والتقدم، فالمملكة تزخر بدور العلم والتقدم التقني والصناعي، بالإضافة إلى دورها البارز والمتعاظم على الساحة الدولية لكل ما من شأنه رخاء وسلامة شعبها وشعوب العالم.
و(اليوم الوطني) هو الذي يجدد هذه التحديات والطموحات والآمال والأحلام في مزيد من التقدم والتطور والرقي الذي يليق باسم المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها ومكانتها في النفوس والقلوب وهي أهل بكل طموح لأن تكون دائما وأبدا في موقع مميز ومكانة متميزة (عاصمة للعرب والمسلمين).
فقد ارتفع بناء الوطن في فترة زمنية هي قصيرة في عمر الشعوب. وأصبح نموذج المملكة العربية السعودية في التطور والتقدم والتنمية واقعا يعبر أصدق تعبير عن أن العقيدة الإسلامية إذا تمسك بها المسلمون يكون فيها خلاصهم من المشكلات وتقدمهم نحو المستقبل بخطى واثقة تثبّت أقدامهم وتنمي بلدانهم، وتبسط فيها مظلة الأمن والأمان، وتنشر عليها كافة أدوات التطور الحضاري وعلى رأسها التعليم الذي جعله الملك سلاحا له في معارك التوحيد والبناء والتطوير. ولم يكن هذا النموذج السعودي ليصبح درسا مضيئا في التاريخ لولا فضل الله سبحانه وتعالى الذي أنعم على هذه البلاد بشخصية فذة مخلصة قادرة على قيادة مسيرة الوطن ووضع لبنات تأسيسه على أسس راسخة من شرع اللّه فأصبح نظامها السياسي لا ينفصل عن العقيدة الخالصة التي تفرض المحافظة على المبادئ الأخلاقية التي تحافظ بها الدولة على كافة متطلبات حياة الإنسان، وتجعل كيان الفرد مرتبطا بكيان الدولة متلازمين على حدّ سواء. ومن هنا كانت الخطط التنموية في المملكة مركزة على بناء الوطن بالمفهوم الشامل الذي يجعل المواطن في قمة المشروعات البنائية والتنموية مما جعل ثمرات هذه التنمية مفخرة لكل مواطن سعودي وصرحاً شاهداً على عظمة الإنجاز في مجالات التعليم والصحة والأمن والإعلام والتجارة والصناعة والزراعة والعمران وغيرها من المجالات.
ولقد تزامنت الفرحة والسرور والابتهاج بهذه الذكرى الغالية مع مناسبة غالية علينا جميعا ألا وهي شفاء سمو ولي العهد أطال الله في عمره وحفظه - متمنياً لسموه موفور الصحة والعافية.
وفي الختام أجدها فرصة سانحة في هذه المناسبة العزيزة على قلب كل مواطن سعودي لأتقدم بأصدق التهاني إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، وسمو سيدي ولي العهد، وسمو النائب الثاني، وإلى الأسرة المالكة الكريمة وإلى الشعب السعودي النبيل، سائلاً الله أن يديم على هذه البلاد وأهلها نعمة الأمن والاستقرار والرخاء الذي تنعم به وتعيشه وأن يوفِّق قادتها إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يسدد خطى الجميع لما فيه الخير والصلاح.
م. فهد بن سفر الحارثي