تحل بساحتنا في اليوم الأول من الميزان ذكرى يوم مشهود في تاريخ المملكة لقد صنع الملك عبدالعزيز ورجاله معجزة التاريخ الحديث بلم الشتات تحت راية واحدة التي جمعت شمل الأمة ووحدت أركانها، فاليوم الوطني لبلادنا ليس مجرد مناسبة تمر ذكراها مروراً عابراً دون تركها أثراً يتناسب مع ما لها من أهمية ومكانة فهو يوم مشرق وضاء المعالم ومع أول برج الميزان تتجدد هذه الذكرى التاريخية الغالية ونحن نسير على نهج المؤسس الأول الملك عبدالعزيز يرحمه الله الذي جمع الأمة ووحدها فهو ذكرى تتجدد كل عام وذكرى لإنجاز كبير وتاريخ عظيم ومسيرة حافلة بملاحم البطولة.. فهذا اليوم هو رمز لمسيرة كفاح طويل، وسجل مشرق الصفحات لتاريخ حافل بالمواقف والبطولات، لقائد هذه الأمة، ومؤسس كيانها جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله، حيث قادها من نصر إلى نصر متغلباً على كل المتاعب، ومتخطياً كل المصاعب، في كفاح متواصل ومصارعة للظروف القاسية، امتد نحو أربعين عاماً، منذ استرد الرياض عام 1319هـ، وبتوفيق من الله عز وجل، ثم بعزيمة كأنها الفولاذ، استطاع أن يجمع الكلمة بعد أن كان الخلاف والشتات هو السمة البارزة، ووفر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد بعد أن كان بعيد المنال، واندثرت على يديه أسباب النزاعات، وحل محلها التآلف والوئام والوفاق، وتلاقت الغايات جميعها لخدمة هذا البلد الأمين.
سعى إلى توطين البادية، وهي التي عاشت التاريخ كله تضرب الفيافي وتجوب الصحاري والقفار، لا تعرف الراحة والاستقرار حتى تجد الماء والمرعى، فتستقر إلى حين، ثم تعود إلى الترحال، فإذا بها على يديه تقر وتستقر، من عناء الدهر الطويل الذي عاشته في رحيل وترحال، وفزع دون استقرار، وإذا التاريخ يسجل صفحات مشرقة لهذا العمل المجيد.
أخذت البلدان في النمو بعد أن عرفت الأمن والرخاء، وعرفت كل بلدة وقرية طريقها إلى ذلك النمو، فكانت بداية ذلك الاهتمام بالتعليم الذي ينمي العقل ويثري الفكر، ثم الرعاية بصحة الفرد لأن العقل السليم في الجسم السليم، فأنشئت المدارس، والمستشفيات، وكل الخدمات الأخرى وسجلت في هذا المجال صفحات مشرقة لهذا العمل المجيد لتغلبه، يرحمه الله، على ما واجهه فيه من مصاعب.
نهضت التجارة والصناعة بسبب استقرار الأمن في ربوع البلاد، وأخذ التجار يزاولون نشاطهم في أمن وأمان وأخذوا يجوبون طول البلاد وعرضها، ويجلبون إلى البلاد ما تحتاج إليه من سلع، ويصدرون بعض المنتجات إلى الخارج، وهم آمنون على أموالهم وأرواحهم، وصارت قوافل الحجيج تفد من كل فج وصوب، وهي آمنة في بيت الله الآمن، وفي أرض الأمان، وسجل التاريخ في هذا المجال صفحات مشرقة حتى استقر الأمن في ربوع البلاد.
إن تاريخ الملك عبدالعزيز ثري ومتنوع يعطي قارئه روافد مستمرة وتفاصيل كثيرة، هذا قليل من كثير نذكره في يومنا الوطني، الذي نعتز به لأنه ثمار جهد كبير، وكفاح متواصل، وعمل فاق كل تصور، وأعظم تلك الثمار هو ما نعيشه اليوم، من تطور وازدهار حضاري على صعيد التعليم والزراعة والصناعة والاقتصاد والتحديث وتطوير المجتمع.
ونسأل الله أن يعيد هذه المناسبة الغالية على بلادنا العزيزة بمزيد من التقدم والرخاء والازدهار في ظل قيادتنا الحكيمة وبالله التوفيق.
عبدالله حمد الحقيل
أمين عام دارة الملك عبدالعزيز السابق