يأتي اليوم الوطني للمملكة هذا العام متوافقا مع عدة مناسبات سعيدة، فاليوم الوطني يوافق هذه السنة أيام عيد الفطر السعيد، وأيضا يوافق يوم التأسيس لهذا الوطن عندما استعاد الملك عبد العزيز - رحمه الله - الرياض في الخامس من شوال عام 1319هـ. ويوافق هذه الأيام أيام فرح ونصر، بفشل مخططات الفئة الضالة وارتداد كيدهم وغدرهم في نحورهم، وسلامة ونجاة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، فنحمد الله على سلامته التي فرح بها كل مواطن غيور التي هي سلامة للوطن والمواطن.
في هذه الأيام التي نحتفي بها بهذه المناسبة السعيدة، نستذكر يوما تاريخيا مجيدا عندما أعلن رسميا عن توحيد المملكة العربية السعودية في الحادي والعشرين من جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م، وعندما نستذكر معنى هذا اليوم وأهميته، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا ذكرى ومسيرة القائد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود - رحمه الله - وما تحقق على يديه من إنجازات عظيمة، تدل على أنه من أفذاذ القادة العظماء الذين يمتلكون رؤية وأهدافا وقيما سامية، الذي يسجل لهم التاريخ بأنهم حققوا لأمتهم وبلادهم إنجازات تاريخية سترويها الأجيال بفخر وإعجاب واعتزاز، هذه الإنجازات التي يتمتع بها أبناء هذا الوطن حالياً التي أتت بفضل الله تعالى ثم بفضل جهود الملك عبد العزيز الجبارة. التي تكللت بتأسيس وبناء وتوحيد دولة حديثة على أسس متينة تقوم بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله وتطبيق الشريعة الإسلامية، وتكريس الوحدة والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد بعد الفرقة والشتات، وتوفير الأمن والاستقرار، وبسط العدل وتأمين جميع مقومات الدولة الحديثة القادرة على الاستمرار والنهضة والنمو. وهنا نشير إلى أن جهود الملك عبد العزيز وكفاحه - رحمه الله - استمرت لمدة 32 عاما حتى تم تحقيق الوحدة وإعلان توحيد المملكة بشكل رسمي.
وقد بدأت الانطلاقة الأولى نحو التأسيس والتوحيد من الكويت عندما قام مع مجموعة قليلة من رجاله المخلصين باستعادة الرياض في الخامس من شوال 1319هـ، بعد معركة حاسمة تكللت بالنصر، وقد تجلى فيها إيمان الملك عبد العزيز وعزيمته وشجاعته وقدراته الحربية والاستراتيجية في التخطيط والتنفيذ والقيادة لهذه الحملة. وبهذا تم استعادة حكم آبائه وأجداده ووضع اللبنة الأولى لتأسيس هذا الكيان.
وبعد استعادة الملك عبد العزيز الرياض الذي يعد حدثا تاريخيا حاسما، ونقطة تحول كبيرة في تاريخ المنطقة، واصل مسيرة البناء والتوحيد ومعه رجاله المخلصون دون توقف ولم تلن عزيمته بما يعترضه من تحديات، لتوحيد معظم أرجاء شبه الجزيرة العربية، وتحقيق إنجازات حضارية واسعة في جميع المجالات، كل ذلك تم - بعون الله - ثم بإيمانه بالأهداف التي رسمها والتفاف المخلصين من أبناء شعبه وإيمانهم بصدق توجهه. وقد تم له توحيد بلد مترامي الأطراف وتم تثبيت الأمن والاستقرار، ولم يأت ذلك بسهولة بل بإرادة لا تعرف المستحيل وجهود جبارة شاقة وتضحيات وجهاد وكفاح متواصل.
وها نحن الآن نعيش - ولله الحمد - ثمرة جهاد وكفاح الملك عبد العزيز ورجاله وما ننعم به الآن من وحدة وأمن ورخاء وازدهار، لم يكن ليتحقق لولا الله ثم جهود هذا القائد الذي ناضل طوال حياته لخدمة دينه وأمته ولوحدة ورخاء شعبه فجزاه الله خير الجزاء.
وبعد وفاته - رحمه الله - تولى مسؤولية الحكم أبناؤه الأخيار الملك سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله جميعا - وواصلوا مهمة إكمال البناء والتطوير على نهج القائد المؤسس وأخلصوا لدينهم ووطنهم ومواطنيهم، وأكملوا المسيرة. وقد عم الأمن والرخاء والازدهار في أرجاء البلاد حتى صارت تعيش في أوج وأزهى عصورها في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فهو - حفظه الله - يقود النهضة الشاملة في جميع المجالات لما فيه خير ورفعة الدين والوطن والمواطن.
فقد تحقق في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الإنجازات الضخمة التي هي نالت الإعجاب والتقدير، على جميع المستويات المحلية والعربية والدولية، وقد قام - حفظه الله - بتنفيذ تطلعاته الحضارية للنهوض بهذا الوطن. وقد اهتم بالتنمية الشاملة بكل المجالات واهتم بالإنسان لأنه الثروة الحقيقية للوطن، والاهتمام والرفع من مستوى القطاعات التي تؤثر بالمواطن وأعطى - حفظه الله - جل اهتمامه للإصلاحات والتطوير والنهوض فيما يخص مجال التربية والتعليم والصحة والقضاء. وما أمره الكريم بإنشاء أربع جامعات مؤخرا إلا دليل على اهتمامه - حفظه الله - بالتعليم العالي ودعمه. وفيما يخص الأمن فقد تم تحقيق الإنجازات في عهده - حفظه الله - فقد تم التصدي لأصحاب الفكر الضال وتمت مواجهتهم مواجهة ناجحة فكريا وأمنيا وميدانيا، وتم - ولله الحمد - إفشال وهزيمة مخططاتهم الشريرة التي سوف ترتد - بإذن الله - إلى نحورهم. وقد اهتم خادم الحرمين الشريفين بالأماكن المقدسة وأولاها اهتماما خاصا بتنفيذ مشروعات التوسعة، والاهتمام بمواسم الحج والعمرة والحفاظ على أمن وسلامة وراحة الحجاج والمعتمرين والقيام بهذا الواجب على خير وجه.
وعلى الصعيد الاقتصادي فقد اتبع - حفظه الله - سياسة حكيمة متوازنة جنبت البلاد آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي تأثرت بها معظم دول العالم.
وعلى الصعيد العربي قام - حفظه الله - بإطلاق مبادرة المصالحة العربية للم شمل العرب وتنقية الأجواء للحفاظ على مصالحهم والوقوف ضد أطماع الطامعين، والعمل بما يرفع من شأن العرب وتحقيق أهدافهم ومصالحهم، وكانت هذه المبادرة محل تقدير وترحيب وإعجاب من الجميع.
وعلى الصعيد الدولي تبوأت المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين مركزا مرموقا ومحترما لما لها من ثقل مهم في المحافل الدولية يتصف بالمصداقية والاحترام ويسهم في تثبيت الاستقرار الدولي. وقد فتح - حفظه الله - مجالا للحوار مع أتباع الأديان والحضارات المختلفة التي تساعد على الاستقرار العالمي.
في النهاية أسأل الله الكريم يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وأن يديم علينا نعم الإسلام والأمن والأمان وأن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين.
الحرس الوطني