Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/09/2009 G Issue 13510
الخميس 05 شوال 1430   العدد  13510
فرحة الاحتفال باليوم الوطني مقرونة بفرح آخر
بسام بن محمد الزايد

 

نعيش هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوبنا بمناسبة اليوم الوطني التاسع والسبعين الذي يوافق الأول من الميزان الثالث والعشرين من الشهر التاسع الميلادي. ويصادف هذه السنة اليوم الرابع من شهر شوال لسنة 1430 هجري مما يعني إن احتفالاتنا تتواصل، فبالأمس كنا مبتهجين بحلول عيد الفطر المبارك ومازالت البهجة حاضرة فأضفى عليها اليوم الوطني مزيداً من الإشراق.

ما أجملها من لحظات حين تجتمع فرحة الاحتفال بالعيد مع فرحة الاحتفال باليوم الوطني فرحاً لله وشكراً له على أن بلغنا شهر الخير والصيام وأعاننا على طاعته فيه ونسأله سبحانه القبول كما أن هناك فرحاً آخر فيه الكثير من الشكر للمولى سبحانه على أن جمع أبناء هذا البلد تحت راية واحدة تحرسهم عناية الله وتجبي إليهم خيرات الدنيا بكافة أصنافها من كل أرجاء المعمورة بعد أن ظلوا ولفترة ليست بالقصيرة متشتتين متناحرين لا يجد معظمهم قوت يومه ولا ما يستر به عورته حتى قيض الله لهذه البلاد مؤسسها الموحد المجدد عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيب الله ثراه- والذي تم على يديه وسخر الله ما رضيه لنا من خير عميم عاشه آباؤنا وقدروه حق تقديره لما شاهدوه من ويلات ما قبل التأسيس فنقلوا إلينا جزءاً من الصورة وغاب الكثير من ويلات ومآسي ما قبل التوحيد، ولكن ما وصلنا وسمعنا من الآباء كان كافياً لنستشعر هذه المنة العظيمة نعمة الانتماء للوطن الذي يجمعنا ويؤاخي بيننا ويكون سبباً في مزيد من الشكر والعطاء لله على فضله..

وكان واجبناً أن ننقل هذه الحقيقة لأبنائنا ليشعروا بعظيم هذه النعمة، ولعل شكرهم لها يكون من أسباب دوامها وتمامها، وبقدر ما نذكرهم بهذه المناسبة بقدر ما نوصيهم بتحمل الأمانة وإيصالها إلى الجيل الذي يليهم، وهكذا سنظل دوماً موقنين أن النعم لا تدوم إلا بشكرها، وأن الشكر لا يتأتى إلا بمعرفة حجم النعم، وأن الغافل الجاهل لا يمكن أن يقدر أو يشكر مهما أعطي، ولهذا أزيد التأكيد بضرورة بذل كافة جهود الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني كل بما يستطيع في سبيل إيصال الرسالة التي من أجلها نحتفل بهذا اليوم العظيم، تلك الرسالة المتمثلة في أن ما نحن فيه من نعم نغبط عليها ما كانت لتكون لولا فضل الله ثم توفيقه لذلك الملك الموحد الذي أراد بعمله وجه الله فأعطاه وأجزل له فكان العطاء الرباني انعكاساً لصدق النية وصفائها وطهرها، ولا نزكي على الله أحداً ولكننا نحكم على ضوء ما نرى ثم جاء أبناؤه من بعد فكانوا خير خلف لخير سلف حالهم يردد مقالة أبناء يعقوب عليه الصلاة والسلام من قبل (نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (133) سورة البقرة.

من تمام نعمة الله أن هذه الفرحة المزدوجة فرحة عيد الفطر وفرحة الذكرى المجيدة لليوم الوطني ليستا الوحيدتين ولله الحمد من قبل ومن بعد، فنحن نعيش اليوم فرحة أخرى تتمثل بقيام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -حفظه الله- بافتتاح أحد وأعظم الصروح العلمية العملاقة على مستوى العالم التي تشرفت بحمل اسمه -أيده الله- فصار يطلق عليها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وأسال الله أن تكون نقطة الانطلاق نحو التميز في المجال التقني والمعرفي وأن تكون كما كان بيت الحكمة سبباً في تغيير وجه الثقافة العالمية..

تأتي هذه المناسبة بعد أن دحر الله بغاة الشر من الخوارج التفجيريين الذين أرادوا بهذه البلاد أمر سوء بغية أعادته إلى ما كان عليه قبل التأسيس لعل ذلك يكون عوناً لهم لبسط نفوذهم فخططوا ومكروا ودبروا إلا أن الله كان لهم بالمرصاد فرد كيدهم في نحورهم وجعل تدبيرهم تدميراً عليهم، ومن فضل الله أن هذه مناسبات الفرح والاحتفال لا يفصل بينها سوى أقل من شهر عن مناسبة أخرى تستحق أن تذكر فنشكر حين نجى الله سبحانه وتعالى أميرنا المحبوب محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية مهندس الأمن الذي وضعه الله شوكة في عقول تلك الفئات الباغية التي حاولت إلحاق الضرر به إلا أن الله أعثرهم وحمى جنده المخلصين..

كنت كثيراً ما أتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم ساعة الهجرة من مكة إلى المدينة (والله أنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إليَّ ولولا أني أخرجت منك ما خرجت)، فحب الوطن والاعتزاز به سبقنا إليها قدوتنا وحبيبنا عليه الصلاة والسلام ولم تتعارض تلك المحبة والاعتزاز والولاء مع الهدف الأسمى الذي بعث من أجله بل إن حب الوطن بما فيه من أرض وعرض ودم ومال والدفاع عنه والموت في سبيله أحد أبواب الشهادة الرئيسة، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد). وكل ذلك بالنسبة لنا وطن فإن كان معلم هذه الأمة وخير البشر واتقاهم وأنقاهم سريرة يعلن من يضحي بنفسه من أجل كل ذلك إلى مرتبة الشهداء، فهذا لعمرك كاف ليزيد في حب الوطن والتضحية بالغالي والنفيس من أجله..

وإن كان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يخصص وطناً بمواصفات معينة بل حث على حب الوطن الذي ينتمي إليه الإنسان أياً كان ذلك الوطن، فماذا نقول نحن عن وطننا مهبط الوحي وقبلة المسلمين، ووالله لو لم يكن لدينا سوى الحرمين الشريفين لكانت كافية ونضحي من أجل ذلك ونعتز به أشد الاعتزاز والفخر فكيف ووطنا مختلف عن غيره فهو يتفرد بميزات وصفات لا تجدها في غيرها وهو الوحيد من الأوطان الذي جمع خيري الدنيا والآخرة. أسأل الله العلي القدير أن يديم لنا الأمن والاستقرار تحت هذه القيادة الرشيدة والتي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وولي عهده الأمين سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز والنائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورجل الأمن الأول. وأقدم التهاني للقيادة الحكيمة والأسرة المالكة والشعب السعودي بهذه المناسبات السعيدة التي تعيشها بلادنا الغالية هذه الأيام. وبالله التوفيق..

رجل أعمال - الرس



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد