يخبرنا التاريخ بأنه قد مرت على الجزيرة العربية آلاف السنين والحكم فيها لمن غلب غزواً ونهباً، وأخذاً وسلباً، لا أمن فيها للضعيف، ولا سلامة لأعزل، ولا ملجأ لخائف.. لم تعرف الاستقرار ولم تذق طعم الراحة إلا مرة واحدة عند ظهور الإسلام، وخلال بضع سنوات تغير كل شيء على يد المصلح الموهوب الملك عبدالعزيز الذي أقام حكمه على التوحيد والعقيدة الخالصة، وانقلبت المضارب والخيام إلى سكان مدن وقرى، وعلى الرغم من سعة البلاد وترامي أطرافها أصبحت المملكة العربية السعودية مضرب الأمثال في الأمن والرخاء والاستقرار، وانبثق الخير على يد قائد الأسرة الميمونة؛ فتركه ينساب للقريب والبعيد، وروى منه المفاخر والمعارف، ولابد أن نقف عند هذا البطل العظيم الذي حدد هذا اليوم تلك الشخصية التي تعددت فيها نواحي التفوق والجلال. لقد كان شجاعاً لا يعرف التردد ونبيلاً لا ينسى وعده ولا يغدر به وكريماً شديد الرغبة في العطاء وعبقرياً يحسب خطواته بدقة. لقد صقلت الأحداث هذا البطل ودفعته ليؤدي دوراً أشبه بالأحلام والأساطير.
ومع إشراقة اليوم الوطني الجديد من حياة الدولة السعودية الرشيدة التي تقود مجتمعاً إسلامياً أصيلاً احتضن الدعوة الإسلامية منذ مئة عام وحمل الأمانة ومضى بها ولم يتوقف طويلاً، أجدني أستوحي ما تحمله هذه المناسبة من انطباعات تتصل بعظمة بلادنا الخالدة؛ فإذا بي أقول لنفسي: رويداً؛ فما أنا ببالغ ذلك، وليس من باب المبالغة وتزجية الكلام ولا الاندفاع مع العواطف ولا التأثر بالحب أن أقول صادقاً إن عبور المحيط أيسر وأقرب إمكاناً من عرض كل ما تزخر به دولتنا من إنجازات منذ توحيدها وما تموج به من الأحداث التي دارت خلال قرن من الزمان.
هذه المملكة العربية السعودية التي قام كيانها على الاحتكام إلى الإسلام وتطبيق شرع الله والقيام بواجب الدعوة وعون المسلمين أينما كانوا وأداء الحقوق والواجبات والعدل في التعامل مع شعبها ومع الشعوب الأخرى.. كل ذلك يقف وراء سر نهضة المملكة واستقرارها وأمنها وتعاون مواطنيها مع قادتهم لأن المجتمع المسلم إذا علم أن دولته تقوم على الإسلام وتطبيق شريعته وتنهض بمسؤوليتها في خدمة دعوته فإنه يبذل طاقته وطاعته لهذه الدولة وقيادتها كما هو الواقع الفعلي في المملكة؛ إرادة موحدة؛ أي ضوء كاشف ينطلق من هذه الأرض المباركة، وينتشر على طول المملكة وعرضها؛ لتزداد يوماً بعد يوم، نجاحاً وفلاحاً وثروةً وقدرةً على أداء حق الأمانة. إن ما حققه خادم الحرمين الشريفين للمملكة خاصة والمسلمين عامة، من علو الشأن وبعد الصيت ورسوخ القدم وعلو المكانة وتوطيد دعائم الأمن ورفع منار الشرع ونشر التعليم وإقامة المدن الاقتصادية، يجعلنا نرفع أجمل التهاني والتبريكات إلى حكومتنا الرشيدة على ما أنجز وتحقق لخدمة الإسلام والمسلمين، ونشكر الله الذي قيض لنا هؤلاء القادة الكرام الساهرين على الإصلاح والعاملين في سبيل إسعاد هذا الشعب.