التاسع عشر من شهر جمادى الأولى من سنة 1351هـ أعلن الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- توحيد أجزاء هذه البلاد الطاهرة تحت اسم (المملكة العربية السعودية) بعد كفاح استمر اثنين وثلاثين عاماً أرسى خلالها قواعد هذا البنيان على هدى كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم.
فهذا اليوم التاريخي وبتوجيه من القيادة الحكيمة في هذا البلد المعطاء جعل المملكة نموذجاً ريادياً للوحدة الوطنية في المنظومة العربية والإسلامية الحالية والعالمية منذ العقود الماضية وحتى اليوم بحمد الله. فالمملكة العربية السعودية التي نحتفل اليوم بذكرى توحيدها على يد مؤسسها المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي وضع بإيمان عميق وبإرادة قوية ثوابت الحياة الكريمة لأبناء هذا البلد العزيز. هي ذاتها التي نحتفل جميعاً بإنجازاتها ومكتسباتها القوية التي تتواصل قنواتها المعطاءة اليوم والغد منذ بداية التوحيد.
إن هذا اليوم المجيد.. فرصة لاستلهام العبر وقراءة الدروس.. من معجزة الملك عبدالعزيز البطولية التي كانت المنطلق والأساس بعد توفيق الله فيما وصل إليه هذا الوطن الأغر من الرقي والحضارة والازدهار. تلك المعجزة المجيدة التي نقلت رجل الصحراء البسيط الذي لا تتجاوز أقصى اهتماماته حدود خيمته أو منزله المتواضع وبيوت عشيرته وأرزاقه من الحلال والماء إلى أن يصبح هذا الرجل أحد أفراد قليلين في هذا العالم ارتقوا بطموحاتهم إلى عنان الفضاء.. حيث امتطى المكوك الفضائي وشارك في مختلف الأبحاث العلمية وتبوأ أعلى المناصب في المنظمات الدولية احتراماً لقدراتهم الفكرية وسمعة وطنهم العالية.. وأولئك الذين كانوا يفترشون أبسطة الكتاتيب المتواضعة لتلقي الدروس البسيطة الأولية في الحياة تحت ظل جدار أو شجرة أتاحت لهم فرص التعليم المتقدمة في بلادهم ليحاضروا في أرقى الجامعات والمراكز العلمية والتقنية العالمية.
ومن واجبنا أن نتذكر ويتذكر أبناؤنا وأحفادنا دائماً ما أنجزه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- لهذا البلد وما أنجزه أبناؤه البررة من بعده وما زالوا يبذلون الغالي والنفيس لخدمة المواطن في كل مكان. فعلينا نحن واجبات كبيرة نحو المؤسس الباني وتجاه أولادنا وأحفادنا لإشعارهم دائماً بالأعمال البطولية للملك عبدالعزيز ومراحل التوحيد التي مرت على هذه البلاد على يد الموحد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- من مراحل صعبة قاسية حتى لمّ الشمل وانشأ دولة مستقرة آمنة راغدة.
فقد قام الملك عبدالعزيز بإنقاذ من يسكن ويقيم على هذه الأرض الطاهرة من الهلاك والجوع والخوف إلى آخر ما يتصوره الإنسان في يومه ماذا سيجري له؟ ولنذكر أبناءنا وأجيالنا القادمة عن هذا الأسطورة وتاريخه المضيء فقد سخر حياته لإنقاذ أجدادنا وآبائنا من الهلاك المدمر الذي عايشوه في وقتهم قبل أن يقوم هذا البطل الفذ في هذا الإنجاز التاريخي وقبل أن يخوض معركة التوحيد حتى أصبحت بلادنا -ولله الحمد- بفضل الله ثم بفضل حنكة وسياسة هذا البطل العظيم عبدالعزيز في مصاف دول العالم المتقدم بعدما كانت مجموعة من المدن والقرى وتجمعات القبائل المتنازعة القوي فيها يغلب الضعيف وعلى هذا المنوال سارت تلك على التناحر.. ولكن الملك عبدالعزيز استطاع بيقظته أن يبني دولة حديثة على أسس قوية غير قابلة للاهتزاز وأسس لها نظاماً قوياً قائماً على تحكيم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسار أبناؤه البررة الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله- من بعده على هذا النهج الذي رسمه لهم المؤسس والآن خادم الحرمين الشريفين الملك: عبد الله بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير: سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير: نايف بن عبدالعزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مستمرون في التطوير والعطاء والتقدم، فالمملكة تزخر بدور العلم والتقدم التقني، بالإضافة إلى دورها البارز والمتعاظم على الساحة الخليجية والعربية والدولية لكل ما من شأنه رخاء وسلامة شعبها وشعوب العالم.
نسأل الله العلي القدير أن يحفظهم ويديمهم لهذه البلاد والشعب الكريم.
(*) وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي