هذه العبارة ليست لي وإنما للدكتور محمد إبراهيم السويل، رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية الذي قال: (الملك عبدالله يريد من جامعة العلوم والتقنية أن تكون دار حكمة العصر الحديث كما كانت (دار الحكمة) تلك المؤسسة التي أنشأها الخليفة أبوجعفر المنصور وأكملها من بعده الخليفة المأمون الذي أعطاها دفعة قوية صاحبتها نهضة علمية كبرى، حيث شكلت تلك الدار منعطفاً مهما في هذا المجال وحفلت بالعديد من العلماء البارزين، منهم على سبيل المثال الخوارزمي الذي كان من أوائل علماء العالم في مجال الرياضيات).
هذه الجامعة التي اتخذت من اسم الملك عبدالله اسما لها (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا)، نعلق عليها -نحن السعوديون- الكثير من الآمال والطموحات. فهي جامعة محض علمية، تعتني بالتقنية وعلوم العصر، وتنفرد عن مثيلاتها السعوديات بأنها عالمية وليست سعودية، سواء بالنسبة لأساتذتها، أوطلابها، أوفي بيئتها التي تختلف عن بقية الجامعات السعودية.
فحسب المعلومات المتوفرة فإن (عدد الطلاب الذين قبلتهم الجامعة 817 طالباً يمثلون (61 دولة), وبدأ 374 طالباً من هذه المجموعة الدراسة فعلياً، فيما سيتم تسجيل بقية المجموعة في الجامعة اعتباراً من عام 2010م).
وهذا المشروع -كما يؤكد المتابعون- كان من أولويات الملك عبدالله -حفظه الله-؛ وهو من جهة أخرى يُعبّر بصورة دقيقة عن آماله وطموحاته، وكذلك رؤاه لمستقبل هذه البلاد، عندما أطلق القبول في هذه الجامعة للجميع، سعوديين أو غير سعوديين، فالأولوية في هذه الجامعة للمتفوقين، والقادرين على العطاء والارتقاء بهذا الصرح، بغض النظر عن كونهم من أهل البلاد أو من خارجها. وهذه نظرة ثاقبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فهذا الصرح في نهاية المطاف (سيعود) خيره وتعود أبحاثه على هذه البلاد في الدرجة الأولى، من خلال الاستفادة من الأستاذ (المتفوق)، و(الطالب) المتفوق، و(الوسائل) البحثية المتفوقة، والأجواء العلمية المساعدة على (التفوق)؛ وأملنا أن تأتي النتيجة متناسبة مع طموحاتنا وآمالنا.
ففي جامعات الغرب يأتي الطلاب من كل حدب وصوب، والأبحاث والمنجزات تسجل باسم الجامعات الغربية، ويعود نفعها إلى المجتمعات الغربية في الدرجة الأولى ومن ثم إلى العالم أجمع؛ فالإبداع والتفوق لا يعترف بالجنسية ولا اللغة ولا الأعراق؛ فمتى ما دخلت هذه التقسيمات الفئوية إلى الصروح العلمية، والبحثية، تتحول إلى مجرد (مدارس) محلية، تقدم في أحسن الأحوال خدمات (تعليمية) لطلابها، لكنها لا ترقى إلى مستوى الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية، القادرة على الإسهام في تقديم الحلول لما يكتنف تجربتنا التنموية من عوائق ومعضلات. فالجامعات هي التي تقود التنمية وتقدم الحلول في المجتمعات المتحضرة. ففي الولايات المتحدة - مثلاً- يتزايد أعداد الطلبة، و(المنح) المقدمة للطلبة الأجانب، باستمرار؛ و(فتح) الباب للطلبة الأجانب كما جاء في تقرير لجامعة (إم آي تي) الشهيرة: (يعكس فلسفة التعليم في الجامعات الأمريكية التي سعت تاريخياً لجذب نوابغ الطلاب من مختلف بلاد العالم في مختلف العلوم). وهذه فلسفة هذه الجامعة الوليدة على ما يبدو، وهي كذلك فلسفة الجامعات العلمية الحديثة. كما أنها -أيضاً- نقلة نوعية وهامة في الارتقاء بالبيئة الجامعية والعلمية في البلاد، وتحريرها من قيود العادات والتقاليد التي تساهلنا معها في البداية وأعاقتنا كثيراً في النهاية. إلى اللقاء،،،