Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/09/2009 G Issue 13510
الخميس 05 شوال 1430   العدد  13510
الحبر الاخضر
د. عثمان بن صالح العامر

 

الوطنية خلجات وجدانية ومشاعر عاطفية غالباً ما تظهرها الاحتفالات والمهرجانات الرسمية خاصة في الأيام الوطنية ومناسبات الاستقلال والتحرير التي تحتفل بها كل دولة بطريقتها الخاصة في تاريخ معين ويوم محدد ومتوارث معروف، والذي يوافق في بلادنا المملكة العربية السعودية الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام، وقد تتسربل هذه المشاعر وتظهر بثوب القصائد والخطابات أو الكتب والمقالات أو الرسوم والإعلانات أو الرسائل والمكالمات أو اللافتات والشعارات... أما المواطنة فهي أفعال تراكمية إيجابية من أجل الوطن (عقيدة وقيادة وإنساناً وأرضاً)، واليوم الوطني ليس فقط من أجل أن نرتدي ثوب الوطنية الجميل، نتذكر الماضي، ونعدد منجزات الحاضر، ونحلم بالمستقبل، نكتب ونقرض ونرسم ونهاتف ونبارك - رغم أهمية ذلك في نظري - بل هو إضافة إلى هذا البعد الهام وقفة مع النفس، ليتذكر كل منا سجل مواطنته الخاص منذ نعومة أظفاره وحتى تاريخه، وليجيب على أسئلة الوطن التي يطرحها هذا الكيان العزيز على جميع المنتمين له مهما اختلفت درجاتهم ومؤهلاتهم وطبقاتهم وتباينت منازلهم ومناطقهم ومهامهم الملقاة على عواتقهم، والتي سبق وأن تحدثت عنها وبتوسع في هذه الزاوية قبل ثلاث سنوات أو يزيد تحت عنوان (أسئلة الوطن)، ومن أجل أن نكون عمليين أكثر، أرى أن يٌستعاض بما يعرف في مدارسنا بشهادة حسن السيرة والسلوك والتي هي إلى الشكلية أقرب، بل ربما لا أجافي الحقيقة إذا قلت إنه لا محل لها من الإعراب، يستعاض عنها بشهادة أو (سجل الأعمال الوطنية)، ويٌفتح هذا السجل لكل طالب وطالبة من الصف الأول متوسط بعد أن يكون كل منهما قد درس في مادة التربية الوطنية مواصفات وسمات المواطنة الصالحة وتبين له الفرق بين الوطنية - التي ترتكز على الحب القلبي لهذا الوطن والذي هو بمثابة الأس للمواطنة المطلوبة من كل منا-، والمواطنة التي هي ذات مضامين عملية ناجزة، ويمكن أن يوضع في هذا السجل كل نشاط إنساني إيجابي موثق يقوم به هذا الشاب السعودي سواء داخل المدرسة أو خارجها له صلة بمناشط التنمية الوطنية المختلفة سواء أكان النشاط نشاطاً فكرياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو فنياً أو تربوياً، وقس على ذلك كثيراً، ولا يترك ولا يهمل شيء حتى ولو كان عملاً بسيطاً في نظرنا نحن الكبار، المهم أن يكون عملا موثقا ومشرفا عليه من قبل جهة رسمية معتبرة وممنوحا عليه شهادة مصادق عليها ومكتملة معلوماتها، فالمشاركة في أسبوع الشجرة أو المرور مثلاً هي أعمال تصب في النهاية لمصلحة الوطن وتنمي روح المشاركة، ولذا حقها أن تضمن هذا السجل الشخصي الهام ويوقع مدير المدرسة على كل ما يدون في عهده، ويستمر هذا السجل مع الطالب في المرحلة الثانوية والجامعية، بل ويبقى مرافقاً له في مسيرته العملية/ الوظيفية، ويسجل فيه كل المشاركات والأعمال المجتمعية ذات البعد الوطني الذي يعكس المواطنة الصالحة، ويؤخذ هذا السجل في الاعتبار حين القبول في الجامعة، وعند التوظيف وفي الترقيات والجوائز الوطنية والأوسمة وحضور المناسبات الوطنية وتمثيل الوطن خارجيا في المحافل الدولية وما إلى ذلك.

ومن مميزات هذا العمل التحفيز على المسابقة لتقديم ما في الوسع من أجل الوطن وخدمة المواطن، وكذا بعث روح المواطنة الصالحة في نفوس النشء، والعدالة في منح الفرص بين شباب الوطن، نعم، قد يكون هناك تجاوزات خاصة في البداية في تسجيل أعمال لم يقم بها الشخص في سجل مواطنته من قبل مدير المدرسة أو غيره، وقد تتاح فرص المشاركة لشريحة ما أكثر من غيرها، وقد.... كل هذا وارد، ولكن مثل هذه الاحتمالات لا تمنع من التوافر على المشروع وتشجيعه ودعمه حتى يرى النور خاصة من لدن مقام وزارة التربية والتعليم التي تمر في هذه الفترة بمرحلة التغيير والتطوير وإعادة البناء التربوي من جديد، وأنا على استعداد تام للمشاركة في تصميم السجل بجداوله وخاناته التي لا بد أن تكون من الشمولية والتكامل والمصداقية ما يجعلها معياراً صحيحاً للمفاضلة والتكريم في المهرجانات والاحتفالات التي يحتضنها اليوم الوطني أو غيره من مناسباتنا الرسمية/ الشعبية، ليس لأني أفضل من غيري، ولا هو تقليل من شأن القائمين على مشاريع التطوير في وزارة التربية والتعليم، وليس في هذه الأنا تزكية لنفسي، ولكن -بصدق- الصورة واضحة بشكل جلي أمام عيني والحديث عنها يطول وجزما لن تفي هذه الزاوية في إيضاح جميع أبعاد هذا الموضوع الوطني الهام.

دمت عزيزاً يا وطني، ودامت رايتك خفاقة في المحافل الدولية وسلمت لنا أيها الرمز الأبي وكل عام وأنتم بخير.. وإلى لقاء.. والسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد