Al Jazirah NewsPaper Monday  21/09/2009 G Issue 13507
الأثنين 02 شوال 1430   العدد  13507
ربيع الكلمة
كل عيد ونحن كما نحب
لبنى بنت عصام بن عبد الله الخميس

 

يمر علينا العيد كل عام ونحن بظروف مختلفة وأحوال متغيرة..

يعاد كل سنة ونحن بهموم أقل أو ربما أكثر.. بسعادة مضافة أو فرحة ملغاة.. نجتمع مع أقاربنا وأحبابنا ولا نعرف ما في داخلهم, ما هي آمالهم وآلامهم، نلتف حولهم وتلتف حولنا أسئلة كثيرة..

لماذا والكل منا بجانب الآخر نشعر بغربة ووحشة وحواجز تناسب بيننا بسخاء؟؟.

يتمنى كل منا أن يعبر عما في داخله للآخر لكنه يخاف ويخشى من نظرة الآخر له فيلتزم خيار الصمت.

منا من يرى العيد وكأنه لوحة ملونة رائعة، صباح فريد،و شعور مختلف ولذيذ، أطفال بثياب جديدة، وابتسامات مشعة، جمع محبب من الناس يحيط به، رائحة دخون طيب وأصيل في الثياب، قبلة دافئة على كفي الوالدين.. وفرصة تغتنم لتهنئة الأقارب وصلة الأرحام وإسعاد الأطفال ب(عيدية) تساوي الكثير، كتلة من القيم الإسلامية واحتفاء كبير بتلك الملامح الإيمانية التي تتجسد في مضمون العيد الذي يحتفل فيه المسلمون بالقدرة على صيام شهر رمضان، واستبشاراً بنيل ثواب الصائمين القائمين.

وفي الجانب الآخر هناك من لم يلحظ قدوم العيد أصلاً.. فهو يرى في العيد مناسبة كئيبة ومملة - هو جعل منها كذلك - فهو يحاول الفرار من تلك المناسبة التي فرضت عليه، فيسهر ليلة العيد في الاستراحة أو البر وينام حتى ساعات طوال في يوم العيد، وينسى أو يتناسى أن يهنئ أهله وأقاربه، وأمثال هؤلاء هم أنفسهم الذين قضوا أيام وليالي الشهر الفضيل في التسكع وقضاء جل الوقت في اللهو والسهر, فلم يذوقوا حلاوة الصيام وهيبة القيام ولذة الطاعة، فهان عليهم هذا الاحتفال ولم يكن لهم نصيب مما فيه من فرحة وبهجة وراحة تعم الأجواء وتنطلق حتى الأفق.

كل عام وأنتم بخير أقول، لكل من لازال يؤمن بوجود العيد في حياتنا.

وكل عيد ولازال لدينا القدرة على الدهشة والإحساس بالسعادة..

كل عيد ونحن أصغر عيوبا وأكبر نضجاً..

كل عيد ونحن أقل تأسفا وتعثرا، وأوثق خطوة وتكلما..

كل عيد ونحن نحتفل بإنجازاتنا وليس بأرقام سنواتنا..

كل عيد ونحن على يقين بوجود العيد في دنيانا..

كل عيد ونحن كما نرغب لا كما يفترض..

كل عيد ونحن أمة تتقدم بأخلاقها وحضارتها لا بأموالها ونفطها.

كل عيد ونحن نسعى لرضا المعبود وليس رضا العابد..

كل عيد ونحن أقرب إلى التسامح والعفو، وأبعد عن الحقد والغل.

كل عيد ولازلنا نتذكر، العربي ذلك الكريم المهان في العراق وفي فلسطين.. داعين لهم باستعادة الحياة الكريمة والحرية الثمينة والروابط الحميمة مع من فقدوهم بالحرب أو الضرب!.

كل عيد ونحن لم نفقد صوابنا بعد ونحن نتابع الأخبار ووحشية العدو ونحن نساءل من تتلمذ على يد الآخر: أمريكا أم إسرائيل؟؟.

كل عيد ونحن على نسعى أن نقف على أرضنا العربية الغنية بلا فقر بلا فقراء..

كل عيد والعالم من حولنا بلا حروب، فالسلم أقل تكلفة من الحرب ومحاربة الفقر أجدى من محاربة الإرهاب.

كل عيد وحن أقوى ببعضنا.. بديننا.. باتحادنا، وليس باختلافنا وبصفقاتنا وعلاقاتنا الخفية.

كل عيد ونحن ننثر الأثر الطيب في نفوسنا.. ليكن تقديرنا لأنفسنا أكبر من سخطنا عليها.

كل عيد ونحن أقوى، أرقى، أنقى، وأذكى من تكرار نفس الخسارات..

أخيرا.. هذه هي بعض من خواطري المتواضعة وأمنياتي التي قد تبدو مستحيلة ليوم العيد أكتبها بحب وبعفوية بصدق..... وبألم!.

بقي أن أدعو الله أن يعيد على أمتنا عيد الفطر المبارك بأزهى حلل النماء والرخاء.

ويحضرني في هذا المقام قول أبو الطيب المتنبي:

عيد بأية حال عدت يا عيد

أبي ما مضى أم لأمر فيك تفنيد

* * *




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد