Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/09/2009 G Issue 13503
الخميس 27 رمضان 1430   العدد  13503
الأعياد: حِكَمُها وأهدَافُها
عبدالله بن راشد السنيدي

 

كل قوم أو أمة لهم أنواع من الأعياد يحتفلون فيها كل عام، فهناك أعياد الميلاد وأعياد النيروز وأعياد الاستقلال وغيرها، وقد شرع الإسلام للأمة الإسلامية عيدين في السنة هما عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، حيث يحتفل المسلمون في بقاع المعمورة كل عام بحلول عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين،

ويعتبر عيد الفطر وعيد الأضحى هما العيدان اللذان وردا في دين الإسلام الحنيف واللذان يجوز فيهما إقامة صور من التسلية واللهو المباحين والغناء المقبول لكون ذلك من مظاهر العيد مما يعد رياضة للبدن وترويحاً عن النفس، وذلك لكون عيد الفطر يأتي بعد صيام شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى يأتي بعد الوقوف في يوم الحج الأكبر يوم عرفة المقدس، وقد روي عن أنس رضي الله عنه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما قدم للمدينة المنورة مهاجراً كان لأهل المدينة المنورة يومان يلعبان فيهما، فقال عليه الصلاة والسلام: (قد أبدلكم الله تعالى خيراً منهما يوم الفطر والأضحى).

وهذا دليل على أنه لا أعياد للمسلمين غير عيدي الفطر المبارك وعيد الأضحى المبارك المرتبطين كما سبق أن ذكرنا بمناسبتين دينيتين كبيرتين هما انتهاء صيام شهر رمضان المبارك بالنسبة لعيد الفطر المبارك، وانتهاء الوقوف بصعيد عرفة الطاهر بالنسبة لعيد الأضحى المبارك، وروي عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها أنها قالت: (دخل علينا أبو بكر في يوم عيد وعندنا جاريتان تذكران يوم بعاث وهو يوم قتل فيه صناديد الأوس والخزرج فقال أبو بكر: عباد الله أم زمور الشيطان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن اليوم عيدنا)).

وروي عنها رضي الله عنها أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال يومئذ: (لتعلم يهود المدينة أن في ديننا فسحة إني بعثت بحنيفية سمحة) وهو دليل على سماحة الإسلام ووسطيته.

إذاً، إنها سماحة الإسلام ومرونته وإنسانيته وهو ما يعني أن الغلو والتطرف الموجود لدى بعض أفراد المجتمعات الإسلامية بالمطالبة بمنع صور التسلية والغناء المباحين في الأعياد أو غيرها ليس لهما أساس أو مستند في الدين الحنيف، فمنهج الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يتعارض مع نص شرعي من القرآن الكريم أو السنة الشريفة.

وفي بلادنا مهبط الوحي وقبلة المسلمين والتي اتخذت الشريعة الإسلامية دستوراً ومنهجاً للحياة تم التأكيد في النظام الأساسي للحكم الصادر سنة 1412هـ بأن عيدي الدولة هما عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، ولذلك فإن الدولة - أيدها الله - أعطت هاتين المناسبتين حقهما حيث يتمتع الموظفون في القطاع الحكومي والقطاع الأهلي بإجازة لعدة أيام قد تصل إلى عشرة أيام عند حلول أي من العيدين المباركين. ولذلك فإن على المواطنين استغلال هذه الميزة المتمثلة في هذه الإجازة الطويلة لتفعيل حكم العيد وأهدافه، ومنها ما يلي:

- تبادل التهاني بين المواطنين حتى بين من لم يكن بينهم سابق معرفة، وكان المسلمون في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الكرام يتبادلون التهاني في المساجد والأسواق بصورة جماعية بعبارة: (تقبل الله منا ومنكم) وهو بالطبع لا يعني التقيد بهذه العبارة فقط بل أي صيغة أخرى للتهنئة متعارف عليها بين الناس في العصر الحاضر تفي بالغرض كعبارة: (عيد مبارك) أو عبارة: (كل عام وأنتم بخير) ونحوهما، ولكن المهم هو شمولية التهنئة وعدم قصرها على الأقارب والأصدقاء فقط، كما هو حاصل في الغالب بين الناس مع الأسف، فالتهنئة بالعيد تكاد تكون محصورة بين الأقارب والأصدقاء.

- تبادل الزيارات خلال أيام العيد بين الأقارب والأصدقاء والجيران، فعندما يقوم أي منا بزيارة قريبه أو صديقه أو جاره فالمفترض أن ترد الزيارة من ذلك القريب أو الصديق أو الجار في نفس اليوم أو في اليوم التالي وهو ما يقوي أواصر الأخوة والمودة والصداقة.

- الإحسان للفقراء والمحتاجين وسد حاجتهم لإشعارهم بأن فرحة العيد تشمل، الجميع، فالإحسان للفقراء يوم العيد يعتبر نوعاً من الإهداء كما يعتبر في حكم الصدقة، فيكون المحسن قد جمع بين الحسنيين الصدقة والهدية.

- المشاركة في الأفراح والاحتفالات التي تتم إقامتها خلال فترة العيد من قبل الأمانات والبلديات والتفاعل معها وعدم تجاهلها بالاستمرار في السفر للخارج، وتشكر أمانة مدينة الرياض وأمانات المدن الأخرى وبلديات المحافظات على البرامج الحافلة التي تعد لإسعاد المواطنين صغارا وكبارا خلال فترة العيد وهو أمر يتمشى مع إحدى حكم العيد وهي إظهار الفرحة والاحتفال بهذه المناسبة السعيدة، فإقامة مثل هذه الحفلات التي تتفق مع عاداتنا وقيمنا يوفر على بلادنا ومواطنينا عناء السفر للخارج وتكلفته المادية وما قد يصاحبه من تصرفات تسيء لبلادنا وتتعارض مع تعاليم ديننا فضلاً عن التأثير السلبي على اقتصادنا بسبب تلك الأموال الطائلة التي تهدر في السفر للخارج.

- زيارة المرضى في المستشفيات خاصة الأقارب والأصدقاء والجيران منهم وتهنئتهم بالعيد المبارك لإشعارهم بأننا معهم ونتعاطف مع مصابهم، متمنين لهم الشفاء العاجل، وهو ما سوف يدخل السعادة في نفوسهم ويشعرهم بأننا نشاركهم في السراء والضراء.

- زيارة مدننا وقرانا ومسقط رأس كل منا لاستعادة الذكريات الجميلة والسلام على أقاربنا وربما أصدقاء آبائنا والذي يعد من البر بهم بعد وفاتهم كما ورد في السنة الشريفة.

- تناسي الخلافات الشخصية والعفو والصلح واستغلال هذه المناسبة لإعادة المياه إلى مجاريها ومن يبدأ بذلك يكون له أسبقية في الفضل والأجر مصداقا لقول المولى عز وجل: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} وهو أمر مطلوب على مستوى الأفراد والأسر والدول لكون الاستمرار في الخلاف والتباعد يتنافى مع إحدى حكم وأهداف الأعياد في التآلف ولم الشمل، لكونه يلحق الضرر بمصلحة الأفراد والدول والمصلحة العامة للمسلمين.

Asunaidi@mcs.gov.sa



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد